حض الإسلام -تيسيراً للزواج- على عدم المغالاة في المهور، وإن المشكلة الآن أضحت ضخمة كبيرة بصورة لا ينبغي أن نغمض عنها أعيننا، وأحمل الآباء والأمهات مسئولية جريمة هذه الكثرة الكاثرة من شباب الأمة الذي لا يستطيع الزواج، وهذه الكثرة الكاثرة من فتيات الأمة اللائي فاتهن ركب الزواج، أحمل هذه الجريمة برمتها الآباء والأمهات، إلى الآباء الذين وقفوا وقفة تعنت وتشدد أمام مغالاتهم في المهور، وأمام إسرافهم في النفقات والتكاليف، وكأنهم يريدون لعش الزوجية أن يتحول في أول أيامه إلى معرض تعرض فيه أرقى وأحدث ما تنتجه المصانع الإيطالية والأمريكية من أثاث! ما هذا يا عباد الله! اتقوا الله أيها الآباء! واتقين الله أيتها الأمهات! اتقوا الله في شباب الأمة الذي فتح عليه باب شر مستطير، وباب فتنة خطير كبير، إن الشاب في هذه الأيام يقضي زهرة عمره وأحلى أيام شبابه في الجمع لتكاليف الزواج، وإذا ما من الله عليه بجمع القليل ليحصن نفسه ويعف فرجه، يكون قد تجاوز الخامسة والثلاثين من عمره، فإنا لله وإنا إليه راجعون! وارجعوا إلى الإحصائيات فاقرءوها لتبكوا دماً بدل الدمع على حال شباب أمتنا، وعلى حال فتياتنا اللائي يصرخن بالليل والنهار، ويقضين الليل يشتكين إلى الله ظلم العادات القبيحة التي حالت بينهن وبين ما تتمناه كل فتاة، وتسعد به كل أنثى.
والله الذي لا إله غيره لو وصلت المرأة إلى أرقى الدرجات، وبلغ أبوها من الغنى ما بلغ فلن يغني عنها شيئاً، إن الفتاة لا تريد الغنى ولا تريد الجاه عند أبيها، بقدر ما تريد زوجاً تقياً نقياً يصون عرضها، ويحصن فرجها، ويستر عورتها، ويتقي الله فيها.
فاتقوا الله أيها الآباء! وارحموا شباب الأمة المساكين، ارحموا عجز الشاب، وارحموا ضعفه، وارحموا فقره.
وإن من الله عليك بالمال ورأيت شاباً تقياً نقياً فما الذي يحول بينك وبين أن تذهب إليه لتعرض عليه ابنتك، أو أنك أكثر حياء من أمير المؤمنين عمر؟! ذهب عمر يعرض ابنته حفصة رضي الله عنها على عمالقة الصحابة وأتقيائهم رضي الله عنهم! إذا منّ الله عليك بالمال ورأيت شاباً صالحاً، فاذهب إليه، ولا تستحي، اذهب إليه وقل له: يا بني! هل لك في فتاة تتقي الله؟ هل لك في فتاة تحافظ على فرض الله؟ هل لك في فتاة تصون عرضك وتصون شرفك؟ اعرض عليه ابنتك، ولا تستحي أيها الأب الكريم فأنت لست مخلداً، إنما الذي سيبقى لابنتك هو زوجها.