من وسائل الثبات ذكر الجنة والنار

وأخيراً: ذكر الجنة والنار، فأكثر من ذكر الجنة، وأكثر من التدبر في أحوال النار وأهل النار؛ فإن كثرة التذكر والتدبر للجنة والنار يدفعك للطاعة، ويعينك على أن تثبت على الطاعة، فهذه الدنيا قصيرة، ومهما عظمت فهي حقيرة، ومهما طالت فهي قصيرة، فكم ستعيش؟! ستعيش أياماً قليلة جداً، فبالمقارنة إلى الزمن ستعيش أياماً قليلة، فتذكر دار القرار، وتذكر النار، واعلم أنك هنا في مزرعة، وفي بوتقة ابتلاء واختبار، فاغرس هنا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وتذكر الجنة، وذكر نفسك وقل لها: يا نفس قد أزف الرحيل وأضلك الخطب الجليل فتأهبي يا نفس لا يلعب بك الأمل الطويل فلتنزلن بمنزل ينسى الخليل به الخليل وليركبن عليك فيه من الثرى ثقل ثقيل قرن الفناء بنا جميعاً فما يبقى العزيز ولا الذليل وذكرها بقول الآخر: أيا عبد كم يراك الله عاصياً حريصاً على الدنيا وللموت ناسيا أنسيت لقاء الله واللحد والثرى ويوماً عبوساً تشيب فيه النواصيا لو أن المرء لم يلبس ثياباً من التقى تجرد عرياناً ولو كان كاسيا ولو أن الدنيا تدوم لأهلها لكان رسول الله حياً وباقيا ولكنها تفنى ويفنى نعيمها وتبقى الذنوب والمعاصي كما هيا أسأل الله جل وعلا أن يثبتنا على الحق، اللهم ثبتنا على الإيمان، اللهم ثبتنا على الإيمان، اللهم إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين، ولا مفرطين ولا مضيعين، ولا مغيرين ولا مبدلين، برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم استرنا ولا تفضحنا، وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا.

اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، وبلغنا مما يرضيك آمالنا.

اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها! اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا.

اللهم برحمتك لا تدع لأحد منا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا أديته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً لنا إلا رحمته، ولا طائعاً إلا ثبته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين! اللهم اجعل جمعنا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً، اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى! اللهم اجعل هذه البلاد سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، واجعل هذه البلاد أمناً وأماناً وسائر بلاد المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين! أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء, وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015