إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الأحبة! مازال حديثنا عن النفاق والمنافقين، وقلنا بأن النفاق لغة: من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير وإبطان الشر، وقلنا بأن النفاق شرعاً ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: هو نفاق الاعتقاد، وهو: أن يظهر الإنسان الإسلام ويبطن الكفر، وصاحبه مخلد في الدرك الأسفل من النار عياذاً بالله.
وأما القسم الثاني من أقسام النفاق هو: النفاق الأصغر -وهو نفاق العمل- وهو: أن يظهر الإنسان على نية صالحة وهو يبطن خلاف ذلك.
ولقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم أصول النفاق العملي في خمس خصال بمجموع روايتي أبي هريرة وعبد الله بن عمرو، والروايتان أخرجهما الإمام البخاري والإمام مسلم وغيرهما.
أما الرواية الأولى: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان).
وأما الرواية الثانية: فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر).
وتحدثنا في اللقاء الماضي بتوفيق الله جل وعلا عن خصلة من خصال النفاق العملي، ألا وهي الكذب في الحديث.
ونحن اليوم على موعد مع الخصلة الثانية، من خصال النفاق العملي ألا وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا وعد أخلف).