الإيمان بأسماء الله وصفاته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه

أولاً: نؤمن بآيات الأسماء والصفات، وبأحاديث الأسماء والصفات، كما جاءت، ونمرها صريحة من غير تحريف لألفاظها، ومن غير تحريف لمعانيها، ومن غير تعطيل، ومن غير تكييف، ومن غير تمثيل.

وسأكتفي بمثال واحد، ألا وهو قول الله جل وعلا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5].

قال أهل التعطيل وأهل النفي للصفات، وعلى رأسهم جهم بن صفوان -عليه من الله ما يستحقه- قال: لو كان الأمر بيدي لحككتها من المصحف وجعلتها: (الرحمن على العرش استولى)! وذلك ليعطل صفة الاستواء.

وهذا فعل أسلافه اليهود، قال الله جل وعلا لهم: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة:58] أي: قولوا: اللهم احطط عنا الخطايا والذنوب؛ {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة:58]، فأبوا إلا أن يحرفوا ويبدلوا، فبدلاً من أن يدخلوا سجداً اعترافاً بفضل الله جل وعلا، وشكراً لله عز وجل، دخلوا يزحفون على أستاههم، أي: على مقاعدهم، وهم يسخرون بقول الله: (حِطَّةٌ) ويقولون: حنطة، فزادوا النون كما زاد جهم اللام في (استوى) فقال: استولى! قال: لو كان الأمر بيدي لحككتها من المصحف وجعلتها: (الرحمن على العرش استولى)! ليلغي صفة الاستواء، ولكن أهل السنة والجماعة يقولون: استوى كما أخبر، وعلى الوجه الذي أراد، وبالمعنى الذي قال، استواء منزهاً عن الحلول والانتقال، فلا العرش يحمله، ولا الكرسي يسنده، بل العرش وحملته، والكرسي وعظمته، الكل محمول بقدرته، مقهور بجلال قبضته.

فالاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، ونحن نؤمن بأسماء الكمال وصفات الجلال، ونمرها صريحة.

يقول الله جل وعلا: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [الفجر:22]، فلا ينبغي أن نأول، وأن نتحذلق ونقول: المعنى: وجاءت قدرة ربك.

الله يقول: (وَجَاءَ رَبُّكَ) هل أنت أعرف بالله من الله؟! هل أنت أعرف بالله من رسول الله؟! هو يقول: (وَجَاءَ رَبُّكَ) فنؤمن أنه يجيء مجيئاً يليق بكماله وجلاله، فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015