في العشر الأواخر من رمضان الماضي كنت في زيارة لأمريكا، ووقفت على وثيقة التنصير الكنسي، ورأيت بابا الفاتيكان جون بول الثاني يصرخ في هذه الوثيقة على كل المبشرين أي: على كل المنصرين في أنحاء الأرض -تدبر- ويقول: هيا تحركوا بسرعة؛ لوقف الزحف الإسلامي الهائل في أنحاء أوروبا! مع أنه لا يتحرك أحد للإسلام، بل نحن قد نمنع من الخروج للدعوة إلى الإسلام! فالإسلام لا يتبنى قضاياه الكبرى أحد إلا على مستوى الأفراد، ولو بذل للإسلام ما يبذل لأي دين على وجه الأرض، والله لن يبقى على وجه الأرض من الأديان إلا الإسلام.
أيها الأحبة الكرام! في الثالث والعشرين من رمضان الماضي التقيت برئيس جمعية الشرطة المسلمين في أمريكا وأرجو أن تركزوا معي؛ لنعلم أن الإسلام ينتشر حتى في قلب قلعة الكفر أمريكا، ولا تستطيع قوة على وجه الأرض أن تمنع الإسلام أبداً، حتى قلعة الكفر أمريكا.
هل تعلمون أن عدد المسلمين في أمريكا الآن في إحصائية 12/ 97م وصل إلى ثلاثة عشر مليون مسلم! صحيح ممكن أن يكون كثير من هذا العدد غثاء لا يحرك ساكناً، لكنها إحصائية تحوي الكثير والكثير من الاستفسارات والعلامات! جمعية يرأسها ضابط أمريكي أبيض، التقيت به ودار بيني وبينه حوار طويل، نقلته للإخوة في خطبة العيد في المنصورة، وألخصه لحضراتكم هنا بإيجاز: قلت له: كيف أسلمت؟! وتعجبت حينما قال لي: إنه كان قسيساً متعصباً للنصرانية! يقول: لقد قرأت القرآن -أي: الترجمة- وقرأت عدداً لا بأس به من أحاديث صحيح البخاري، وأسلم زميل لي في العمل -وهو أمريكي- يقول: فذهبت يوماً أبحث عنه؛ لأمر خاص بالعمل، فقالوا: إنه في المسجد، فدخلت المسجد لأنادي عليه، يقول: واستمعت -وأنا على باب المسجد- لكلمات الأذان، يقول لي: لقد هزت كلمات الأذان أعماقي، وشعرت بتغيير كبير في داخلي! يقول: إني لا أستطيع أن أعبر لك عنه؛ لأنني ما تذوقت طعمه قبل أن أستمع إلى كلمات الأذان، يقول: ثم نظرت إلى المسلمين وهم يصلون: يركعون مع بعضهم، ويسجدون مع بعضهم، وأنا أنادى زميلي في العمل وهو في الصلاة، فلا يرد عليَّ! فلما أنهى الصلاة قلت له: أنا رئيسك في العمل وأنادي عليك، لماذا لم تجبني؟! قال: لأني كنت في صلاة بين يدي ربي جل وعلا، وإذا كنت كذلك فلا أجيب إلا الله عز وجل.
يقول: فأحسست بسلام عميق في صدري لهذا الدين! فقلت لزميلي: ماذا تصنعون إن أردتم أن تدخلوا الإسلام؟! فأمروه بالاغتسال، فاغتسل وخرج إلى صحن المسجد، وشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وكان يسمى: ب مايكل، وهو الآن يسمى بـ عبد الصبور.
قلت له: ما نظرتك إلى مستقبل الإسلام في أمريكا؟ قال: الإسلام قوي جداً في أمريكا، وأرجو أن تدققوا في الكلمات (الإسلام) وأنا لا أقول: المسلمون، وإنما الإسلام قوي جداًَ في أمريكا، هذه ترجمة حرفية لكلام الرجل، ثم قال لي: أبشرك بأن كثيراً من الأمريكيين بدءوا يفهمون الآن جيداً أن الإسلام الحقيقي ليس هو إسلام الشرق الأوسط، وبدءوا يفهمون أن رسالة عيسى هي رسالة محمد، وهي الإسلام.
قلت له: فهل لك أن تقص عليَّ قصة مؤثرة لعضو من أعضاء جمعيتكم؟! قال: يا أخي! القصة الوحيدة التي أستطيع أن أؤكدها لك هي: أن الإسلام ينتشر بقوة في الشرطة الأمريكية! قلت له: فهل عندك من الإحصائيات والأرقام ما تؤكد لي به هذه المعلومة؛ إذ إنني أستبشر خيراً كثيراً لا في كثير من المسلمين في أمريكا، ولكن فيمن يدخلون الإسلام من الأمريكيين، فإن قلت له: هذه سنة، لا يناقش، هذه بدعة، لا يجادل، ولقد ذهبت مع بعض إخواني من الدعاة والمشايخ إلى مسجد التقوى، وهو لإخواننا الأمريكيين السود، فورب الكعبة يا شباب! لقد احتقرنا أنفسنا بينهم، ترى الواحد منهم في صلاته خاشعاً، يذكرك بسلف هذه الأمة، فمن هنا يأتي الأمل، ومن عند هؤلاء نرجو الخير الكثير بإذن الله، يقول لي: عدد الضباط والجنود في الشرطة الأمريكية في ولاية (نيويوورك) أربعة وخمسون ألف ضابط وجندي، يقول لي: أصبح من بين هذا العدد -ولله الحمد- ما يزيد على ألفين وخمسين ضابطاً يوحدون الله جل وعلا، وهذا عدد كبير ليس بالعدد القليل الهين، ثم قص علي قصة، فقال: لقد أسلمت ضابطة أمريكية، ثم لبست الحجاب، وجاءت إلى العمل بالحجاب، فقال لها رئيسها: ما هذا؟! قالت: لقد أسلمت.
قال: لا حرج!! لك ذلك، لكن عليكِ أن تخلعي هذا الثوب.
قالت: لا.
وردت المرأة بقول عجيب أتمنى أن تستمع إليه كل متبرجة في بلدنا، وهي تنتسب إلى الإسلام، قالت: إن الله هو الذي أمرني بالحجاب، ولا توجد سلطة على وجه الأرض تملك أن تنزع عني هذا الحجاب إلا بأمر الله.
كلمات عجيبة! قلت له: أخي! أود منك أن توجه ثلاث رسائل: الرسالة الأولى للأمريكيين، والرسالة الثانية للمسلمين في أمريكا، والرسالة الثالثة للمسلمين في مصر، فقال: أما رسالتي الأولى للأمريكيين فهي: إننا نؤمن بعيسى كما نؤمن بمحمد، إنه فهم دقيق عميق، ولا عجب؛ فقد كان الرجل قسيساً.
إننا نود أن يعلم هؤلاء أننا نجل عيسى، ونؤمن بعيسى، ونجل مريم عليها السلام وعلى عيسى ونبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام.
قلت: وجه رسالة للمسلمين في أمريكا، قال: أقول لهم: اصبروا ولا تتعجلوا، فإنه لا يتحقق شيء أبداً بدون الصبر -ترجمة حرفية لكلام الرجل- ثم قال: أود أن أقول لهم: إن أخطأ واحد منكم فلا ينبغي أن تفزعوا ولا أن تحزنوا، فلو لم نخطئ ما احتجنا إلى الرب سبحانه وتعالى، فإننا نخطئ؛ لنتوب إلى الله عز وجل.
قلت: فوجه رسالة أخيرة للمسلمين في مصر سأنقلها عنك إلى الآلاف المؤلفة من المسلمين، فقال: قل لهم: إن باعدت بيننا وبينكم آلاف الأميال فإن رحمة الله قد وسعت كل شيء، وإننا نحبكم في الله.