أيها الحبيب الكريم! إننا لا نريد أن نقنط أحداً أو أن نيئسه، وإنما نرى الأمة الآن قد حق عليها وصدق فيها قول من لا ينطق عن الهوى، كما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود من حديث ثوبان: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها.
قالوا: أومن قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: كلا.
أنتم يومئذ كثير، ولكن غثاء كثغاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن.
قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت).
من هنا ننطلق لنذكر الأمة بهذا الداء العضال الذي تمكن منها فذلت وأهينت من قبل إخوان القردة والخنازير الذين كتب الله عليهم الذل والذلة، أحبت الأمة الدنيا وكرهت الأمة الموت، ما عملت للموت وما استعدت للقاء الله.
أقول عن نفسي: والله لو قيل لي: إنك الآن ستلقى الله جل وعلا وسيأتيك ملك الموت، لبكيت دماً بدل الدمع على حالي، ما الذي قدمت؟ وما الذي فعلت لألقى به الله جل وعلا؟ وماذا سأجيب على ربي إذا سألني؟ فهل فكرت -أيها الحبيب- في هذا السؤال؟ هل فكرت في عرضك على الكبير المتعال؟ هل يسعدك الآن أن تلقى الله عز وجل على ما أنت فيه من تقصير؟ هل يسعدك الآن أن تلقى الله على ما أنت فيه من تفريط وتضييع؟ أيها اللاهي! أيها الساهي! يا من غرتك المعاصي وشغلك الشيطان! دع عنك ما قد فات في زمن الصبا واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب لم ينسه الملكان حين نسيته بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعب والروح منك وديعة أودعتها ستردها بالرغم منك وتسلب وغرور دنياك التي تسعى لها دار حقيقتها متاع يذهب الليل فاعلم والنهار كلاهما أنفاسنا فيها تعد وتحسب