أيتها الأخت الفاضلة! هذه قدوتك، هذا أعظم مثال أقدمه لك الآن، وهذه أكرم قدوة للزوجة الوفية المخلصة وقد آن لكن -أيتها الأخوات المسلمات- بعد سنوات التيه والتغريب والشرود آن لكل مسلمة على ظهر الأرض أن ترنو ببصرها إلى هذه المثل العليا، والقدوات الطيبة الصالحة؛ لتشق المرأة المسلمة من جديد طريق المجد والعزة والكرامة، ولتنجب لأمتها العلماء العاملين والمجاهدين الصادقين.
وبعد هذه الكلمات المختصرة أنصحك أيتها الأخت المسلمة بأن تفرغي قليلاً من وقتك لقراءة القرآن، وللوقوف على حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وأن تجلسي مع زوجك وأولادك على مجلس يقرأ فيه القرآن، ويذكر فيه حديث النبي عليه الصلاة والسلام، فإن أعظم خطوة عملية على الطريق أن تفهمي الإسلام بشموله وكماله، وأن تخصصي وقتاً لك لتتدبري فيه سير الطاهرات العفيفات، سير أمهات المؤمنين، وسير الصحابيات الجليلات، وسير التابعيات المخلصات من هذه الأمة على مدار تاريخها الطويل.
يجب عليك أيتها المسلمة أن تتعلمي شيئاً من العلم الشرعي، أن تتعلمي الحلال والحرام، والحق والباطل، والسنة والبدعة؛ لتتفرغي بعد ذلك لتربية الأبناء تربية طيبة على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله، فإنني أعتقد اعتقاداً جازماً أنك في البيت تمثلين العمود الفقري، بل وتمثلين الركيزة الأولى لبناء الأسرة المسلمة التي نعتقد أنها هي اللبنة الأولى في بناء صرح مجتمع إسلامي ننشده جميعاً، فلقد ضحكوا علينا يوم أن قالوا: إن المرأة تمثل نصف المجتمع.
نحن نقول: كلا، بل إن المرأة هي المجتمع كله، نعم هي نصف المجتمع، ولكنها تقدم للمجتمع نصفه الآخر، فهي الأم، وهي الزوجة، وهي البنت، وهي الأخت، وهي الخالة، وهي العمة، وهي التي تنجب بعد ذلك الرجال الأطهار، والقادة الفاتحين الأبطال.
فأنت مجتمع بأسره أيتها الأخت الفاضلة! فاعتزي بهذا الإسلام، وارفعي رأسك بهذا الدين، ولا تستمعي إلى هؤلاء الكذابين الذين يدعونك في الليل والنهار للتحرر والحرية، وللتفلت من ضوابط الشرع وقواعده المعلومة المرعية.
زعموا أنهم يريدون أن يرفعوا عنك الظلم، ولا والله! بل ما جاء الإسلام إلا ليرفع قدرك، وليعلي شأنك، وما أمرك بالحجاب إلا ليصون كرامتك، فأنت درتنا المصونة، ولؤلؤتنا المكنونة، وأنا لا أعلم عاقلاً على ظهر الأرض أهديت إليه درة غالية ثمينة فراح ليلقيها في الشوارع والطرقات، وإنما يبحث عن أعظم وأطهر وآمن مكان ليحفظ فيه هذه الدرة المصونة، وهذه اللؤلؤة المكنونة.
وهاأنت يا أختاه درتنا المصونة، ولؤلؤتنا المكنونة، فاعتزي بهذا الدين، واسمعي له وأطيعي، واعلمي بأنه لا يريد لك إلا الفلاح والنجاة، والفوز في الدنيا والآخرة، فهيا خرجي لنا العلماء العاملين، والأبطال المجاهدين الفاتحين، والدعاة العاملين الصادقين.
والله أسأل أن يسترك في الدنيا والآخرة، وأن يمن عليك بالسعادة في الدنيا والآخرة، وأن يبارك لك في زوجك وولدك، إنه ولي ذلك ومولاه، وأن ييسر لك الزوج الصالح إن كنت لم تتزوجي بعد، والله أسأل أن يتقبل مني ومنكن صالح الأعمال، وجزاكن الله خيراً، والسلام عليكن ورحمة الله وبركاته.