بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الأحبة! أسال الله عز وجل أن يتقبل منا ومنكم جميعاً صالح الأعمال، وموضوع الخطبة اليوم مقدمة بمثابة برنامج عملي لرمضان؛ لأن أي إنسان عندما يريد أن يعمل مشروعاً وكان من الذين منَّ الله عليهم بالمال، فإنه يعمل دراسة جدوى، ويدرس المشروع، ويضع برنامجاً زمنياً، كما تخطط الدولة وتقول خطة خمسية، وخطة سنوية، وخطط مستقبلية، فالمسلم الذكي الفطن -أسأل الله أن يجعلنا كذلك- هو الذي يستغل هذا الموسم المبارك؛ فيضع لنفسه برنامجاً عملياً.
فعلى سبيل المثال: أداء الصلاة في جماعة، فتسأل نفسك عندما تستيقظ في الصباح: هل ستصلي الصلوات في جماعة هل عندك صدق في النية؟! إن كنت كذلك فإن الله عز وجل سيسر لك، وفي آخر النهار تحاسب نفسك هل صليت الخمس الصلوات في جماعة؟ ثم تكمل البرنامج بعد ذلك؛ فإذا قلت: للأسف لم أصل الفريضة هذه في المسجد؛ فإن كنت في عذر شرعي منعك من أن تصلي الفريضة في المسجد، كأن نمت مثلاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تفريط في النوم) أو كنت مريضاً، أو لم تسمع الأذان ولم تنتبه، أو نسيت، فهذه أعذار، والنسيان عذر؛ لأن الله قد رفع النسيان عن الأمة، يقول عليه الصلاة والسلام: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها حين يذكرها) فانظر هل صليت اليوم خمس صلوات في جماعة أو لا؟ وهكذا مع القرآن، فعليك أن تعمل لنفسك برنامجاً مع القرآن، وحدد الأجزاء التي ستقرؤها، فإذا قال قائل: كيف أقرأ وأنا في الشغل؟ فنقول: الأصل أن وقت العمل للعمل، فإذا كنت في الوظيفة وعندك عمل فإنهائك لأعمال الجمهور بأخلاق من أعظم العبادات، وهو عمل عظيم جداً.
وكثير من إخواننا إذا كان موظفاً يقول: لا تضايقني؛ لأني صائم، فنقول: سبحان الله! وهل فرض الله الصيام لتضييق أخلاق الناس أو لتهذيب أخلاق الناس؟! إن ربنا عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] فيبقى الأصل أن الهدف من الصيام هو التقوى، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم).