أيها الأحباب! أختم مفاتيح قلب الزوج بهذه الوصية الجامعة التي قدمتها أم عاقلة، إنها أمامة بنت الحارث التي خلت بابنتها أم إياس بنت عوف الشيباني في ليلة زفافها لزوجها، وقدمت لها تلك الوصية الغالية، فقالت الأم العاقلة لابنتها: أي بنية! إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، ولكنها معونة للعاقل، وتنبيه للغافل.
أي بنية! لو أن امرأة استغنت عن زوجها لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها، لكنت أغنى الناس عن زوجك، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال.
أي بنية! لقد فارقت العش الذي فيه درجت، والبيت الذي منه خرجت، إلى مكان لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمة يكن لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشراً تكن لك ذخراً.
أما الأولى والثانية: فالخضوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواطن عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالإرعاء لماله وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التدبير، وفي العيال حسن التقدير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له أمراً، ولا تفشي له سراً، فإنك إن عصيت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإياك والكآبة بين يديه إن كان فرحاً! ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مكتئباً!