ثالثاً: الوفاء: وما أحلاها ورب الكعبة من كلمة! وما أرقها من خصلة! وما أسماها من صفة! إنها الوفاء!! فالوفاء خلق جميل، وكنز ثمين، فالأيام دول، فكم من غني أصبح فقيراً؟ وكم من عزيز أصبح ذليلاً؟ وكم من قوي أصبح ضعيفاً؟! فالزوج قد تنزل به المحن والمصائب، فتتحول صحته إلى مرض، ويتحول غناه إلى فقر، وتتحول قوته إلى ضعف، وهنا يظهر معدن الزوجة الصالحة الوفية التي تقف إلى جوار زوجها في كل ضيق ومصيبة، وتخفي عيوب الزوج وتستر ذنوبه، ولا تنسى أيام الغنى، وأيام القوة والصحة والسعة، وتردد دوماً قول الله جل وعلا: {وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة:237]، وتنظر إلى زوجها نظرة رحمة وأدب، ونظرة حنان وتواضع، وهي تقول له: أبشر أيها الزوج الحبيب! أنا لا أنسى أنك فعلت كذا وكذا وقدمت لي كذا وكذا ثم تذكره بقول ربها: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ} [الرحمن:60].
فوالله إن الزوجة الوفية تأسر بوفائها قلب زوجها، وتحول بوفائها الفقر في البيت إلى غنى، والمرض إلى صحة، بل والضيق إلى سعة، بل والأزمات والمشكلات إلى لحظات طيبة ندية.
ما أحلى الوفاء! وما أقبح الجحود! وما أقبح المرأة الجاحدة! التي تجحد فضل زوجها وكرمه!! جاء في الصحيحين من حديث زينب رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني رأيت النار، ورأيت أكثر أهلها النساء)، فلتحذر كل أخت مسلمة تستمع إليّ الآن أو تستمع إلي عبر شريط الكاسيت بعد هذه المحاضرة، فإنني لا أخاطب الإخوة والأخوات بين يدي، وإنما أخاطب المسلمين والمسلمات على وجه الأرض، وأسأل الله أن يجعل لهذا الشريط سبيلاً إلى كل بيت، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن رأيت النار ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: لكفرهن، قالوا: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ورأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط).
فهل تقبل الزوجة المسلمة التقية الصالحة لنفسها هذه الخصلة الذميمة، وهذا الخلق اللئيم الذي يودي بأصحابه إلى نار الجحيم والعياذ بالله؟! أختاه! إن من أعظم مفاتيح قلب الزوج، ومن أعظم وسائل السعادة التي تسعدين بها قلب زوجك: الوفاء، وأسأل الله أن يرزق نساءنا وزوجاتنا الوفاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.