الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحياكن الله أيتها الأخوات الفاضلات! وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل منا ومنكن جميعاً صالح الأعمال.
ومحاضرتنا في هذا الوقت الكريم المبارك بعنوان: هذه قدوتك.
أقدم لأختي المسلمة قدوة طيبة ومثلاً أعلى، في وقت قل فيه القدوة، وندر فيه المثل، أقدم هذه القدوة لأصل العز والشرف والحياء لصانعة الأجيال لمربية الرجال ومخرجة الأبطال لمن تربعت طيلة القرون الماضية على عرش حيائها تهز المهد بيمينها، وتزلزل عروش الكفر بشمالها.
نقدم هذه القدوة الطيبة والمثل الأعلى لأختنا المسلمة للقلعة الشامخة أمام طوفان الباطل والكذب لدرتنا المصونة، ولؤلؤتنا المكنونة، نقدم لها هذه القدوة الطيبة؛ لأننا نشهد الآن حرباً هوجاء لشل حركة المرأة المسلمة، وللزج بها في مواقع الفتنة ومستنقع الرذيلة، لتقويض صرح المجتمع الإسلامي، تنفيذاً لهذه المقولة الخبيثة لأعداء الدين، والتي تقول: كأس وغانية يفعلان في تحطيم الأمة المسلمة ما لا يمكن أن يفعله ألف مدفع.
فصار همُّ الأعداء أن تصبح المرأة المسلمة عقيماً لا تلد، خشية أن تجود على أمتها من جديد بالعلماء العاملين والمجاهدين الصادقين، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
فهاهي الصحوة الكريمة يمدها كل يوم فتيات في عمر الورود، زانهن حجاب أصاب أعداء الإسلام بالذهول والشرود، أسأل الله أن يثبتهن على الحق.
فتعالي معي أيتها الأخت الكريمة! لنقضي هذه الدقائق المعدودات مع هذه القدوة الطيبة، والمثل الأعلى في عالم النساء، مع رمز الوفاء، وسكن سيد الأنبياء، مع الطاهرة في الجاهلية والإسلام، مع أول صديقة من المؤمنات، مع أول زوجات المصطفى عليه الصلاة والسلام، مع أول من صلى على ظهر الأرض مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أول من أنجبت الولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أول من بشرت بالجنة، مع أول من استمعت إلى القرآن بعد رسول الله، مع أول من نزل إليها جبريل عليه السلام ليبلغها من ربها السلام، مع نهر الرحمة، وينبوع الحنان، مع أصل العز وقلعة الإيمان، إنك الآن أيتها الأخت الفاضلة على موعد مع قدوتك الطيبة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها.