كل هذا يفعل برسول الله، فما ظنكم بما يفعل بالمستضعفين، هذا ما يفعل برسول الله مع دفاع أبي طالب ومع مكانته في قومه، فما ظنكم بما يفعل بالمستضعفين من الموحدين؟! كلنا يعلم أن أول شهيدة في الإسلام سمية رضي الله عنها، لقد عذبها أبو جهل عذاباً شديداً، وفي النهاية طعنها بحربته في فرجها فماتت، فهي أول شهيدة في الإسلام، تطعن بحربة في فرجها؛ لأنها قالت: لا إله إلا الله! ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم بداً أمام هذه الحرب الشرسة الضروس، إلا أن يشير على أصحابه المستضعفين بالهجرة.
سيتركون مكة، ويتركون الأهل، ويتركون الديار، ويتركون الأموال، ويتركون الأوطان، ويتركون الأحباب؛ كل ذلك من أجل الدين، من أجل العقيدة، إنها أغلى ما يملك الإنسان في هذا الوجود، فهي أغلى من وطنه، وأغلى من ماله، وأغلى من أولاده، وأغلى من نفسه، هكذا ينبغي أن تكون.
والهجرة إلى أين؟ إلى أين سيذهب أصحابك يا رسول الله؟ سيذهبون إلى أرض بلال إلى الحبشة، لتغسل شلالاتها دماء ودموع المستضعفين من الموحدين؛ لتطهر شلالاتها جروح المستضعفين من أثر السياط والرماح.
ولماذا الحبشة؟ والجواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بها ملكاً عادلاً لا يظلم عنده أحد، فاخرجوا إلى بلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً).
ونتوقف مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يغادرون مكة في غاية الحزن والألم والأسى، وهم يرحلون عن حبيبهم وإمامهم ونبيهم، وهم يتخلون عن ديارهم وعن بيت ربهم، نسأل الله جل وعلا أن يجزيهم عنا خير الجزاء، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم