إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة التي يطول -والله- شوقي دائماً إليها، وزكى الله هذه الأنفس الكريمة التي انصهرنا معها في بوتقة الحب في الله، وشرح الله هذه الصدور العامرة التي جمعنا وإياها كتاب الله، طبتم جميعاً -أيها الأخيار- وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا أن يجمعني وإياكم في هذه الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ومستقر رحمته؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! (متى نصر الله؟) هذا هو عنوان محاضرتنا هذه، في وقت تجمعت فيه كل جاهليات الأرض مرة أخرى للقضاء على الإسلام، واستئصال شأفة المسلمين، وتجمعت الأحزاب للكيد للإسلام، وللقضاء على المسلمين، وتفنن أعداء هذا الدين في عقد المؤامرات المنظورة بمسميات لا تنفق إلا على الغوغاء والرعاع، فآثرت أن يكون لقاؤنا هذا بعنوان: (متى نصر الله؟).
وسوف ينتظم حديثي في العناصر التالية: أولاً: مقدمة لابد منها.
ثانياً: ولمنهج الله حكم.
ثالثاً: بالرغم من كل هذا فإن الإسلام قادم.
وأخيراً: فلنكن على مستوى هذا الدين.
فأعيروني القلوب والأسماع، فإن هذا اللقاء في هذه الظروف الحرجة من الأهمية بمكان.
أولاً: مقدمة لابد منها: أيها الأحبة الكرام! يجب أن نعلم يقيناً أن الإسلام هو الخطر الماثل أمام الشرق الملحد والغرب الكافر، وما زال هذا الإسلام منذ أن بزغ فجره، وأشرق نوره على أرجاء الدنيا؛ مستهدفاً من قبل أعدائه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ مصداقاً لقول ربنا: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة:217].
وحتى لا أستطرد طويلاً مع كل عنصر من عناصر هذا اللقاء يكفي أن نقف بتأنٍ وتدبر وتفكر أمام هذه الكلمات الخطيرة للمنصر الصليبي الحقود لورنسد ورد إذا يقول هذا المنصر الصليبي الحقود: لقد كان قادتنا يخوفوننا بشعوب مختلفة، ثم تبين لنا بعد الانتظار والتجربة أنه لا داعي لهذه المخاوف، كانوا يخوفوننا بالشعب اليهودي، ويخوفوننا بالشعب الشيوعي، ثم تبين لنا بعد ذلك أن اليهود هم أصدقاؤنا، وأن الشيوعيين هم حلفاؤنا، وتبين لنا أن عدونا الأوحد هو الإسلام! ولذلك كانت أنشودتهم التي يتغنون بها طيلة السنوات الماضية في حربهم للإسلام والمسلمين تقول كلماتها: أنا ذاهب لسحق الأمة الملعونة! هذا ما يردده الجندي المشرك الكافر الذي يرضع من لبن أمه هذه العقيدة، وهذه المعاني، وتلك الأصول، ينطلق في حربه للإسلام والمسلمين وهو يتغنى بهذه الأنشودة الوقحة ويقول: أنا ذاهب لسحق الأمة الملعونة، ولأحارب الديانة الإسلامية، ولأمحو القرآن بكل قوتي! هذه هي أنشودتهم.
أيها المسلمون! أيها الشباب! لازالت هذه المعاني الوقحة الخطيرة هي التي تحرك أعداء ديننا في حروبهم مع المسلمين، وفي ذبحهم للمسلمين ذبح الخراف في كل بقاع الدنيا، وما أحداث البوسنة منا ببعيد، وستعلمون أن هذه المعاني هي التي يتغنى بها الصربيون الكفرة الفجرة على مرأى ومسمع من الدنيا كلها في عالم يسمونه بالعالم المتحضر، أو المتنور، أو المتطور! لازال الجندي الصربي يتغنى بأنشودته التي رددت معانيها آنفاً، وإن اختلفت في كلماتها، يردد الصرب أنشودتهم التي تُسمى بإكليل الجبل، وتقول كلمات هذه الأنشودة: سلك المسلمون طريق الشيطان، دنسوا الأرض ملؤها رجساً، فلتعد للأرض خصوبتها، ولنطهرها من تلك الأوزار، ولنبصق على القرآن، ولنقطع رأس كل من يؤمن بدين الكلاب، ويتبع محمداً، وليذهب غير مأسوف عليه!