أيها المسلمون! إن أولى الناس باتباع إبراهيم هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والموحدون لله جل وعلا مع رسول الله، قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الممتحنة:4]، وقال تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:67 - 68].
ما أحوج الأمة اليوم وفي هذه الظروف الحرجة التي ذلت فيها هذه الأمة وهانت لأحقر أمم الأرض! ذلت الأمة وهانت لخنازير الأرض من اليهود؛ ما أحوج الأمة اليوم إلى هذا الدرس الكبير، إلى درس التضحية لدين الله جل وعلا! فوالله الذي لا إله غيره إن ترك التضحية والبذل لدين الله، وترك هذا الدرس الكبير، سيجعل الأمة ذليلة كسيرة مبعثرة، كالغنم في الليلة الشاتية الممطرة، وستبقى الأمة قصعة مستباحة لأذل أمم الأرض ولأحقر أمم الأرض، لا سيما ونحن نرى الآن نتنياهو يعلم الأمة التضحية، إن الرجل يضحي الآن لعقيدته بكل سبيل وبكل قوة، لا يحترم في سبيل أمته وفي سبيل عقيدته ميثاقاً دولياً ولا قانوناً عالمياً، ولا يحترم مجلس الأمن ولا هيئة الأمم ولا أمريكا، لا يحترم إنساناً على الإطلاق في سبيل هذه الغاية التي نذر نفسه من أجلها.
إن الرجل يعلم الأمة -بكل أسف- كيف تكون التضحية، كيف يكون الفداء، فما أحوج الأمة الآن في هذا الظرف الحرج إلى هذا الدرس، إلى درس التضحية لدين الله جل وعلا! إلى درس الفداء لتنصر الأمة عقيدتها، ولتعلم الأمة عظمة هذه العقيدة، ولتعلم أنها عقيدة غالية تحتاج إلى تضحية، تحتاج إلى بذل، تحتاج إلى إنفاق، تحتاج إلى عطاء.
إننا اليوم أيها المسلمون! نريد تضحية من الرجال، نريد تضحية من النساء، نريد تضحية من الصبيان، نريد تضحية من الشباب والفتيات، والله ما تحولت الأمة من رعاة للإبل والغنم إلى سادة وقادة للدول والأمم، إلا يوم أن صدقت في إيمانها واعتزت بإسلامها، ونصرت دين ربها، وضحت لهذه العقيدة ولهذا الدين بكل ما تملك، وبأغلى ما تملك، بالنفس والأموال والنساء والأولاد والأوقات والأوطان، ضحت الأمة من قبل بكل شيء.