Q هل من دعوة للشباب إلى الدعوة السلفية؟
صلى الله عليه وسلم السلفية ليست جماعة، وليست حزباً ضيقاً، وفي الوقت ذاته ليست دروشة، السلفية تُظلم كثيراً ممن يظنون أنهم سلفيون، كلام أقوله بمنتهى الصراحة والوضوح وبعلو الصوت، السلفية تيار نوراني ممتد على رأسه المصطفى، ومن خلفه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود ومعاذ وأبي وأصحابه، ومن خلف هؤلاء التابعون، ومن خلف هؤلاء تابعو التابعين، ويتبع هؤلاء كل من سار على دربهم واقتفى أثرهم إلى يوم القيامة.
ومن ثم ومن هذا المنطلق فـ السلفية ليست حكراً على أحد، وليست من حق أحد دون أحد، إنما كل مسلم يقرأ القرآن، ويقرأ سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويبحث عن فهم القرآن والسنة بفهم أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، والأوزاعي، والثوري، فهؤلاء هم سلف الأمة، من الذي ينكر هذا ويرد هذا؟ من الذي يقول: أنا لا أريد أن أفهم القرآن بفهم ابن مسعود الذي قال: [ما من آية من كتاب الله نزلت إلا وأنا أعلم أين نزلت، ومتى نزلت، وفيما نزلت، ولو أعلم أن أحداً من أهل الأرض أعلم مني بكتاب الله تبلغه المطايا لركبت إليه] من يكره بعد هذا ألا يفهم القرآن بفهم هذا العملاق القرآني؟ هذا عبد الله بن مسعود، من من إخواننا في الإخوان يكره هذا؟ ومن في التبليغ يكره هذا؟ أو في الجماعة الإسلامية يكره هذا؟ أو في السلفيين يكره هذا؟ في أي فصيلة من الفصائل من يقول بغير هذا؟ ونحن لا نريد بهذا أن نقطع الطريق ونقول: حده إلى الصحابي، لا.
أبداً، الخير ممتد إلى قيام الساعة: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي نصر الله وهم ظاهرون على الناس) أبواب الاجتهاد ما أغلقت ولن تغلق إلى قيام الساعة، ويبقى علماء على الخط والطريق، فكل من اقتفى أثر الصحابة والتابعين ومن سار على دربهم فهو منتسب إلى السلف، وكل من عاش مع السلف ولم يقتفِ أثرهم، ولم يسر على دربهم فلا ينتسب لا من قريب ولا من بعيد إلى السلف.
فكم من أناس عاشوا معهم وليسوا منهم، وكم من أناس لم يعيشوا معهم وهم منهم، لابد أن نفهم هذا الفهم أيها الأخيار الكرام حتى لا تثور من آن إلى آخر مثل هذه النعرات، جماعتنا جماعة المسلمين، بل: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج:78].
وأنا أوالي كل مسلم على ظهر الأرض يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، على قدر قربه وبعده من منهج الله جل وعلا، نريد أن نفهم هذا الفهم لتلتقي الصفوف وتلتقي القلوب.
أما: أنا سلفي وأنت إخواني، أو أنا إخواني وأنت سلفي، بمجرد أني لا أنتمي إلى جماعتك وأنت لا تنتمي إلى جماعتي فلن ألقي عليك السلام، ولا أعترف لك ألبتة بأي مساحة أرضية ألتقي فيها معك أو تلتقي فيها معي، فهذا ظلم مزق الشمل وشتت الصف.
أنا أحب كل مسلم على ظهر الأرض يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله على قدر قربه أو بعده من المنهج، محال أن يكون ولائي لرجل تقي نقي من أهل السنة والجماعة يعمل لله كحبي لرجل مسلم بسيط متكاسل، يصلي فرضاً ويدع فروضاً، لا.
أنا أحب هذا لإسلامه لكن محال أن أسوي بين هذا وذاك، فولائي لكل مسلم يوحد الله ويؤمن برسول الله على قدر قربه أو بعده من منهج الله جل وعلا، هذا هو الإنصاف، بل ولو زل مسلم بكبيرة لا أكفره، ولا أخرجه من الملة، بل لقد أقيمت الحدود على أصحاب رسول الله منهم من زنى، ومنهم من شرب الخمر، بل ويوم أن سب صحابي هذا الشارب للخمر ما قَبِل الرسول، وقال: (لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم) وفي لفظ قال: (والله ما أعلم إلا أنه يحب الله ورسوله) وهو شارب للخمر!! لأنه ما خرج بكبيرته من الدين ولا من الملة أبداً.
يوالى على قدر طاعته، ويعادى على قدر معصيته، الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء من الشرك والمشركين، هذه مفاهيم لابد أن ترسخ وتستقر في القلوب والأذهان.
أيها الأحبة: في هذه المرحلة الحرجة لابد أن تلتقي الصفوف والقلوب على كتاب الله وعلى سنة رسول الله، إذ أننا نلتقي على أصول كبيرة جداً وكثيرة جداً، وهذا الخلاف في أمور فرعية، أو حتى يا أخي لو خالفتك في أمر عقدي -وأنا أعي ما أقول جيداً- ولا أقول في أمر منهجي، فمن سيصحح لي خطئي إن ابتعدت أنت وانصرفت عني؟! أنا على خطأ عقدي، تعال اقترب مني، حقي عليك النصيحة، لا تصعد على منبرك اليوم الثاني وتقول: فلان الفلاني عنده خطأ في العقيدة، وعنده خلل وعنده وعنده حسناً تعال، هل جربت هذا؟! هل اقتربت مني وذبت معي في بوتقة الحب في الله، ووجهت إليَّ النصيحة بحكمة ورحمة وتواضع؟ هل أشعرتني أنك مخلص في نصحك لي؟ هل أشعرتني أن قلبك يحترق على خطئي العقدي؟ والله الذي لا إله غيره لو أشعرتني بذلك لذلل الله قلبي للحق الذي أجراه هو على لسانك، جربوا هذا يا إخوة، وهذا الكلام كله معروف واضح لا يحتاج إلى توضيح، وكله منصب في دائرة إخواننا في أهل السنة والجماعة، إنما ليس المراد بهذا إطلاقاً أنني أريدها وحدة كما ذكرت تجمع شتاتاً متناقضاً متناثراً على غير حق واتباع وهدى؛ لا! فإن تضميد الجراح على ما فيها من عفن وقذر ونتن لن يزيد الجراح إلا سقماً، لكن نخرج العفن والنتن وبعد ذلك نضمد الجراح، هذا هو الذي يبقي الوحدة والصف متميزاً إن شاء الله تعالى، وأسأل الله أن يؤلف بين قلوبنا وإياكم على الحق.