خذوا البشارة الثانية: يقول الله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55] هذه شروط الاستخلاف يا إخوة: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور:55].
ووالله لقد حقق الله وعده، وتحقق وعد الله لرسوله وأصحابه والموحدين معه، واستخلفهم الله في الأرض، فأذلوا الأكاسرة، وأهانوا القياصرة هذا هو الإسلام وهذه هي العبودية لله، من رعاة للغنم في أرض الجزيرة إلى سادة وقادة لجميع الأمم.
وجيء بتاج كسرى إلى عمر بن الخطاب في مدينة رسول الله، فقال عمر قولته الجميلة: [والله إن قوماً أدوا هذه الأمانة كاملةً غير منقوصة، والله إنهم لأمناء؛ فقال له علي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين! عففت فعفوا، ولو رتعت لرتعوا].
جيء بتاج كسرى إلى عمر رضي الله عنه؛ لأنهم حققوا شروط الاستخلاف، صرفوا العبادة لله جل وعلا، وحققوا العبودية لله سبحانه، واستكملوا الشروط فكانت: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور:55].
وشروط الاستخلاف والتمكين لا زالت في أيدينا؛ لأن وعد الله لكل فئة تحقق شروط الاستخلاف والتمكين بصرف العبادة كاملة إلى الله، وبتحقيق العبودية خالصة إلى الله جل وعلا، أن يمكن الله جل وعلا لهذه الطائفة التي ستكون حينئذٍ جديرة بالاستخلاف والتمكين.