الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه.
أما بعد: فيا أيها الأحباب الكرام: كنت قد أعددت لكم كثيراً؛ لأن الموضوع لم ينته بعد، لكن خشية أن يطول الوقت بنا جعلت لموضوع الشهوات جمعة أخرى؛ لأن كثيراً من الشهوات قد سيطرت على كثيرٍ من الناس في هذه الأيام، فهناك شهوة الغناء وحب الغناء، بل من العلماء من قال بأن الغناء لا شيء فيه، ومنهم من طالعنا في كتبه الأخيرة، وأنا لا أنتقد أحداً، وإنما أذكِّر، ووالله الذي لا إله غيره ليس من طبعي أن أجرح في أحد من العلماء، أو أنتقد أحداً منهم؛ لأني على يقينٍ كامل أنه لا ينبغي أن يخطّئ العالم إلا عالم، ولست من العلماء، ولكنني أقول من باب التذكير والتحذير: يقول عالمٌ من علمائنا، وكما قلت: إننا نحب علماءنا، ولكننا نحب الحق أكثر من حبنا لعلمائنا، يقول: لقد دخل عليّ شابٌ كنت مشرفاً على رسالته، فدخل علي وأنا أستمع إلى الغناء -كان يستمع إلى الغناء من صوت محبب إليه- ودخل هذا الشاب الصغير، فلما رأى أستاذه يستمع إلى الغناء، وأنتم تدرون وكلكم على علم بكلمات أغانينا في أيامنا هذه، لابد أن الشريط الملعون: (لولا) قد وزع منه ثمانية مليون نسخة من هذه الخزعبلات والهراءات، ثمانية مليون شريط أمرٌ عجيب! فدخل الشاب على أستاذه وتعجب! فقال أستاذه: إن الغناء لا شيء فيه، فلما لم يستطع التلميذ أن يناقش أستاذه استحلفه بالله أن يغلق المذياع، فاستجاب الأستاذ لتلميذه وأغلق الراديو، يقول أستاذنا: ولم أستطع أن أصمت، فجعلت أردد كلمات الأغنية بصوتي أنا.
وغيرها من الشهوات وغيرها.