ونريد أن نذكر في هذا المقام في قضية ضغط الواقع والتأقلم والتمشي، ونحو ذلك من أنواع المسايرات ما يفعله بعض المقصرين من المسلمين في إدخال أمورٍ من المنكرات إلى بيوتهم وحياتهم.
فيتساهلون بمجيء الخادمة بغير محرم، أو المرأة الكافرة إلى بيوتهم، وكذلك جلب أدوات اللهو وآلاته وأجهزته إلى بناتهم ونسائهم وأولادهم فيطلعون على الأمور المحرمة، ويتساهلون في اختلاط الرجال بالنساء في الأعراس مثلاً، وفي مصافحة المرأة للرجل في المقابلات العائلية، ويأمر زوجته بأن تترك الحجاب أمام إخوانه؛ لأن بالحجاب بزعمه تشتيتٌ للعائلة وتفريقٌ لهذه الجَمْعَة، وتخريبٌ لحلاوة السهرة، وإفسادٌ للوئام، ولمْ شمل العائلة كما يقولون.
نعلم أن هذه كلها من التساهلات التي لا يرضى بها الشرع، وكذلك ما حدث من تقليد نساء المسلمين للكافرات في لباسهنّ وغير ذلك؛ وهذا كله من أنواع التساهل الذي فعله بعض الناس، قد يكون فعلاً بغير رغبة في المعصية، ولا إرادة مبدئية للخروج عن شرع الله، لكن فعلوه تحت ضغط النساء والأولاد، أدخلوا هذه المنكرات وأجهزة اللهو وسمحوا لبناتهم بممارسة أمور غير شرعية تحت ضغط هؤلاء، ومسايرة لهم، ومن كثرة إصرار زوجته عليه، ومما سمع من الكلام من بناته جلب ما جلب وسمح بما سمح، وتغاضى عما تغاضى عنه، وسكت عما سكت عنه! هذا حال كثيرٍ منا، لا يريد فعلاً أن يخرج عن شرع الله ابتداءً، ولو لم تكن هناك ضغوط لما رضي بهذا، هذا حال الكثيرين فيهم خيرٌ ودينٌ وطيبة، لكن تحت الضغط رضي بأشياء!! أيها الأخ المسلم! من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أرضى الله ولو سخط الناس، رضي الله عليه وأرضى عنه الناس.
أيها الأخ المسلم! قدم دينك قبل زوجتك وبناتك وأولادك، قدم حكم الله على ضغط الواقع، أين الصمود وأين القبض على الدين؟! نحن نعلم أننا في زمن كثرت فيه الفتن، وأن القابض على دينه يوشك أن يصل إلى مرحلة القبض على الجمر، لكن يا إخوان: أليست هذه مسئولية؟! أليس هناك حسابٌ يوم الدين؟! أليس الله سائل كل راعٍ عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع؟! إذاً لا بأس بالصبر على مرارة الضغوط من أجل تحصيل الحلاوة يوم القيامة! لا بأس بالصبر على ضغوط الواقع من أجل النجاة يوم الدين، عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة! ولذلك نذكر أنفسنا بيومٍ يجعل الولدان شيباً، بيومٍ طويل عبوسٍ قمطرير؛ أي طويل مهول يعبس الناس فيه من شدة الأهوال التي يرونها: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6] {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:2].
أيها الإخوة: من خاف ربه لم يخف الناس! ومن خشي الله واليوم الآخر لم يخش الناس: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ} [آل عمران:175] {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة:3].
فمن وضع الآخرة نصب عينيه صبر على الضغوط، وصبر على ما يلقى من الأذى، وليس المقصود استعمال القوة دائماً والبطش، وإنما المعالجة بالحكمة؛ دارهم دون أن تغضب ربك! ليس على حساب الشرع، وإنما بالكلمة الطيبة، والحكمة والموعظة الحسنة، وفي النهاية الامتناع من قبلك عن جلب أي منكر، وعن الرضى بأي حرام لأجل أن يرضى الله عنك.
اللهم ارض عنا يا رب العالمين، اللهم وفقنا لهداك، واجعل عملنا في رضاك، اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك، وأسعدنا بتقواك، ولا تشقنا بمعصيتك، اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، وأصلح أولادنا وذرياتنا وبيوتنا يا رب العالمين، اللهم انصر إخواننا المسلمين في بلاد الشيشان، اللهم انصر المجاهدين في بلاد الشيشان، وفي كشمير وسائر البلدان يا رب العالمين! اللهم ارفع راية الجهاد، وأعلِ كلمتك في أرضك يا إلهنا يا رب العالمين، اللهم انصر المسلمين، وأذل الكافرين.
اللهم إن نسألك أن تعاجل الروس واليهود والمشركين بنقمتك إنك على كل شيءٍ قدير، اللهم أنزل بهم بطشك وعذابك، اللهم أرنا فيهم آية، اللهم أرنا فيهم آية، اللهم أرنا فيهم آيةً يا رب العالمين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم زجرك وعذابك.
اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم من أراد بلدنا هذا وسائر بلاد المسلمين بسوءٍ فاجعل كيده في نحره، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وارشد الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.