إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن الله عز وجل قد أمرنا أن نعتصم بحبله المتين، وبكتابه المبين، وأن نقيم شرعه القويم: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} [آل عمران:103].
وأن الاستمساك بالعروة الوثقى من علامات الإيمان، والاستمساك هو الأخذ بالجميع وعدم ترك شيءٍ: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:93].
وقد أنزل الله عز وجل هذا الدين ليعمل به كما هو، بدون تغييرٍ ولا تبديل، ولا تحريف ولا زيادةٍ ولا نقصان: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3].
عباد الله! إن عدداً من المسلمين وخصوصاً في هذا الزمان، قد شرعوا تحت ضغط الواقع إلى عمل تغييراتٍ وإجراء تبديلاتٍ في بعض أحكام الدين، لأجل مسايرة من حولهم، وهذه قضيةٌ جِد خطيرة، أن ننتقل من المعصية إلى التبديل والتحريف، فإن العاصي الذي يفعل ما يفعل، وهو مقرٌ بالحكم الشرعي أهون عند الله من الذي يقول: إن الدين ليس هكذا أصلاً، فيحل ما حرم الله، ويبدل ويغير ويزعم أن هذا هو الحكم الذي أنزله الله، وأن الدين يبيح هذا الأمر! ونحن المسلمين لا يجوز لنا بأي حالٍ من الأحوال أن نرضى بأي تغييرات، التي يحاول بعض هؤلاء الانهزاميين أن يجروها على أحكام الدين ويشيعون هذه التغيرات بين العامة.
وانتبهوا معي لهذه القضية، فإنها من الخطورة بمكان، تحت ضغط الواقع، وانهزاماً أمام الهجوم الذي يقوده أعداء الإسلام على الإسلام، وما يروجونه حول المسلمين في إعلامهم، يقوم بعض المسلمين بالكلام على أمورٍ من الأحكام الشرعية، يتضمن تقديم تنازلاتٍ والتراجع عن التمسك بأحكامٍ أو إثباتها، تراجعاً أمام الكفار، وانهزاماً أمام الهجوم ورضوخاً للضغوط، وتروج هذه الفتاوى الجديدة للعامة، في الفضائيات وغيرها على أن هذا من دين الإسلام، هذه من أخطر القضايا التي ينبغي على المخلصين أن يتصدوا لها، وأن ينتبهوا للمكرِ والسوءِ الموجود فيها.