ثم مسألة مهمة جداً تساعد في توحيد الأسماء والصفات والإيمان به إيماناً صحيحاً أشار إليها الشيخ الشنقيطي رحمه الله قال: (قطع الطمع عن إدراك حقيقة الكيفية لابد منه) ويلزم أن تقطع تماماً الأمل أن تدرك كيفيته إطلاقاً، إذا اعتقدت هذا فستسلم من كل شبهة، قال الله عز وجل: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه:110] فعبارة: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه:110] يعني: لا يمكن إدراك كيفية صفاته سبحانه وتعالى، ولا يمكن تخيل ذلك، ولا يمكن للعقل البشري أن يحيط به، ولا للعلم البشري أن يحيط به سبحانه وتعالى.
والمسألة ليست مجرد عرض عملي كما قد يحس البعض بالجمود، وإنما هو عرض وعظي أيضاً، وعرض إيماني، قال: " لو متم يا إخواني وأنتم على هذا المعتقد " تنزيه الله عن مشابهة المخاليق، إثبات الصفات له، قطع الطمع عن إدراك الكيفية، وإثبات الصفات ونفي التشبيه.
قال: " لو متم يا إخواني وأنتم على هذا المعتقد؛ أترون الله يوم القيامة يقول: لم نزهتموني عن مشابهة الخلق؟ ويلومكم على ذلك؟ "هل يلومكم إذا أثبتم الاستواء؟ هل سيقول لكم لماذا لم تأولوا الاستواء؟ " كلا والله، لا يلومكم على ذلك " هل يلومكم ويقول: لم أثبتم لي ما أثبته لنفسي، وأثبته لي رسولي؟! لا ولله لا يلومكم على ذلك، ولا تكون عاقبته سيئة إطلاقاً.
وفي الختام: فإنه ذكر رحمه الله تعالى بأن هؤلاء الذين نفوا صفات الله كالاستواء والنزول والمجيء أولاً: اعتقدوا التشبيه، وقالوا: ما قلته في كتابك لا يليق بك، وجاء ربك قالوا: هذه الآية ما تليق بك، ظاهرها لا يليق: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] لا يليق بك، سبحان الله! فاعتقدوا التشبيه، ثم بعد ذلك تهجموا على نصوص الوحي، قالوا: لا بد أن نعمل فيها شيئاً، ولا يمكن أن نسكت، فاضطروا بسببها إلى نفي صفات فراراً من المشابهة، فحملوا نصوص القرآن على معانٍ غير لائقة بالله، ثم نفوها من أصلها، ثم فسروا الصفة بصفة أخرى من تلقاء أنفسهم من غير دليل، فقالوا: استوى يعني: استولى.
ولو سرنا معهم وقلنا لهم: استوى بمعنى استولى، ولكن المخاليق تستولي، فلماذا لا تظهر هنا قضية التشبيه ونقول: استيلاء كالاستيلاء، ونحتاج أن نغير الاستيلاء ونأتي بمعنى آخر، أنتم قلتم: لا نقول استوى، لأن الإنسان يستوي، وإذا قلنا الاستواء معناه أننا شبهنا الله بالخلق، ما هو الحل؟ قالوا الحل نقول: استولى، نقول: المخلوق يستولي؟ فإذاً: لماذا لا يكون استيلاء باستيلاء، ففررتم من أي شيء إلى أي شيء، ماذا فعلنا؟ حرفنا الآية بدون فائدة.
فهذا ما أورده رحمه الله في هذه الرسالة العظمية النافعة في تقرير توحيد الأسماء والصفات، والرد على من حرف الصفات.