وننبه أيضاً هنا على مسائل وهي: بالنسبة للشباب الذين يدعون إلى الله عز وجل من غير المتزوجين، ماذا لهم في هذا الموضوع؟ فهو ليس صاحب زوجة ولا أولاد، وليس صاحب بيت مستقل، نقول: إنه ليس بمعفو من المسئولية، فإن الله قال: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] ولا شك أن أباه وأمه، وإخوته وأخواته من أهله، فإذاً ماذا فعل من أجلهم؟ كم تكلف في إصلاح بيته الذي يسكن فيه؟ نعم، قد لا يملك في البيت السلطة الكاملة، فيكون في موقفه ضعف، وقد يكون مبتلى بأخٍ أكبر منه هو الذي يسيطر، أو أب فاسق، أو أم سيئة، أو أخوات عاصيات، نعم.
هذا موجود! وهو يحتاج من وقتٍ لآخر أن يزوره إخوانه في بيته، فإذا زاروه في بيته وجد الحرج والضيق، البيت فيه ملاهٍ محرمة، البيت يخرج منه ويدخل فيه نساء متبرجات، البيت يسمع فيه صوت الموسيقى، كيف سيدخل إخوانه إلى بيته، إذاً يعسر عليه أن يستضيف أخاً له أو يدعوه إلى طعامٍ ونحو ذلك، لا شك أنه سيتعرض لمشقةٍ كبيرة، لكن يبقى السؤال باستمرار: ماذا قدم الشاب لأهله؟ ماذا قدم لبيته؟ هل هو من النوع الذي يذهب مع أصدقائه وأصحابه ويهمل أمر بيته تماماً ويقول: هذا شيءٌ ميئوسٌ منه،! أبي ميئوسٌ منه، أمي ميئوسٌ منها، إخواني ميئوسٌ منهم، أخواتي ميئوسٌ منهن، ولا يقدم شيئاً؟ إذا كان كذلك فليعلم أن هذا خطأٌ كبير، ونقول: هل جربت؟ هل أصررت؟ هل كنت حكيماً؟ هل اتبعت الوسائل الناجحة؟ لا شك أن كثيراً من الشباب مقصرون في بيوتهم، ولا شك أن ذلك ينعكس عليه في حياته الدعوية، لأنه يشعر أحياناً أنه كالمطرود من بيته، خاصة الذي يعيش حالة شتات وخصومة بينه وبين والديه وإخوانه، صحيح أنه يجد في إخوانه في الدين ملاذاً ومهرباً من مشكلاته البيتية، لكن ليس الحل الصحيح أن يهرب من أهله إلى إخوانه، لا بد أن يواجه الواقع، لو حاول ولم يكتب الله له النجاح لقلنا: قد فعل ما عليه وترك ذلك المكان الذي يعج بالمعاصي إلى وسط إخوانه المعمور بالطاعات، هذا أمرٌ حسن، لكن العتب على الذين لم يقدموا شيئاً؛ حتى أنه لا يستطيع أن يستغل بيته في خدمة الدعوة إلى الله.