الكرم

ومن الأخلاق التي تكون سبباً في نجاح الداعية إلى الله عز وجل، ومن عوامل نجاحه: (الكرم) أن تعطي، أن تهب، أن تهدي، تغدق على المدعو، تضيفه، تكرمه، تعينه، تبذل له، فإن الكرم من مفاتيح القلوب المستغلقة.

جاء في صحيح مسلم عن أنس: (أنه صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر) وروى مسلم رحمه الله في صحيحه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح ثم خرج صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين، فاقتتلوا بـ حنين فنصر الله دينه والمسلمين، وأعطى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ صفوان بن أمية وحده مائة من الغنم، ثم مائة، ثم مائة -ثلاثمائة- قال صفوان: والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي) كان يعطي مائة من الإبل، وكم تساوي مائة من الإبل؟! وكان يقول عليه الصلاة والسلام: (يا سعد! إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار) يعطيهم ليتألف قلوبهم حتى لا يدخلوا النار، يعطيهم ويستنقذهم بكرمه صلى الله عليه وسلم، ويترك أصحابه فقراء محتاجين من أجل هؤلاء الناس ألا يكبهم الله في النار: (إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إلي من الذي أعطيه، ولكن أعطي أقواماً أرى في قلوبهم من الجزع والهلع، وأكل أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير).

والهدية أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنها من أسباب المحبة، فما أحسن أن يفتتح الداعية علاقته بمدعوٍ بهديةٍ يتألف بها قلبه، ويتحبب بها إليه.

إذا أردت قضاء الحاج من أحدٍ قدم لنجواك ما أحببت من سبب

إن الهدايا لها حظٌ إذا وردت أحظى من الإذن عن الوالد الحدب

ولكن ليس معنى هذا أن يسرف الداعية، فبعض الدعاة يقول: نريد أن نكرم مدعواً، فيسرف في الطعام، وربما رُمي الطعام، أو هؤلاء الذين يأخذون بعض المدعوين إلى مطاعم الخمس نجوم، وأماكن اختلاط، هذا ليس كرماً، بل هذه معصية.

فنقول: لا يمكن أن تأخذه إلى أماكن فسق وتقول: أنا أكرمه، الإكرام حسب الشريعة، الإكرام بموافقة الشرع، لو تغدق عليه المئات والألوف تكون محسناً، ولكن أن تجلبه إلى مكان المعصية، أو أنك تسرف، فإن الله لا يرضى ذلك ولا يحب المسرفين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015