أيضاً يؤخذ منه فائدة تحريم الغيبة، لأن أكل لحم الموتى حرام، بل هو كبيرة من الكبائر، ولاحظ أن المثل يشمل أشياء كثيرة جداً، ليست البلاغة هي الموجودة فيه فقط، وإنما -أيضاً- الحكم، لأن المشبه يأخذ حكم المشبه به، فالمشبه به هنا أكل لحم الموتى، وأكل لحم الموتى حرام، وهو كبيرة من الكبائر، ولذلك أيضاً الغيبة حرام، وقال بعض العلماء: إنها كبيرة من الكبائر، لأن الله مثلها وشبهها بأكل لحم الميت وهو من الكبائر، والفائدة الأخرى أيضاً: تشنيع هذه الصورة في نفوس المؤمنين، فمن فوائد هذا التشبيه أن نفس الإنسان المسلم تكره سماع الغيبة وتكره الاغتياب، لأنها تسمع هذا التمثيل البشع: {يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:12].
فهذه الأمثال- أيها الأحبة- لا يعقلها إلا العالمون، والله أمرنا أن نتدبر الأمثلة، فقال تعالى: {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم:25] لعلهم يتفكرون، لأولي الألباب {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:43].
تجد العجب العجاب في كتابة الذين يكتبون عن الأمثال مما فتح الله عليهم مثل ابن القيم رحمه الله تعالى عندما يفسر آيات فيها أمثال.