إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فقد تحدثنا في الخطبة الماضية عن بعض اعتقادات اليهود والنصارى المتعلقة بقرب نهاية الألفية الثانية, وكيف بنوا بعض ما سيفعلون على أساطير وعلى عبارات أخذوها من العهدين القديم والجديد بزعمهم, بعضها مما حرفوه وبعضها مما أُسيء فهمه، أو يساء تطبيقه من قبلهم, ولا يخلو من هذا أو هذا وإلا فإن المستقبل للإسلام, وقد أخبرنا الله عنهم أنهم قد حرفوا كتبه فقال: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة:79].
وإذا كانوا يعتمدون على أمور محرفة، وتنبؤات كهنة وعرافين وغير ذلك, فإننا ولله الحمد لا نعتمد إلا على ما هو صحيح كل الصحة، مما جاء في القرآن والسنة النبوية الصحيحة, واليهود والنصارى يحركون بالأساطير ويتحركون إلى عالم الحقيقة، ويزيدهم افتتاناً ما حصل لهم من القوة المادية في هذا الزمان, ويستعملون النبوءات لنصرة دينهم, و {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد:38] {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف:21].
ومهما طغى هؤلاء فإنه سيأتي الوقت الذي يقصم الله فيه ظهورهم, لأن الله قد كتب على اليهود الذل حيث قال سبحانه: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ} [آل عمران:112].
وهذا الاستثناء المذكور في الآية: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران:112] قد قام لهم في هذا الزمان؛ فإذا انقطع ذلك الحبل رجعوا مرة أخرى إلى ما كانوا فيه من الذل والمسكنة ولا شك, فهذه المرحلة بالنسبة لهم مرحلة عابرة، وهؤلاء القوم في هذا الزمان يأتون بتلك النبوءات التي لا ندري عن مصادرها الحقيقية, ويعملون على تحقيقها، ويؤسسون الجمعيات واللجان والمؤسسات لتجعل من هذه النبوءات واقعاً, فبأي شيء قابلنا نحن المسلمين هذه الاستعدادات من قبلهم.