أشغل نفسك بالطاعات نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) لا تغبن {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن:9]، المؤمن لا يتحسر على شيء يوم القيامة إلا على ساعة مرت به لم يذكر الله فيها، فاحرص على ذكر الله، ما من مجلس إلا وصلِّ تصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، لا تجعل بيتك قبراً من القبور، مارس فيه العبادة.
يا أيها الطالب الجامعي غرفتك غرفتك! اجعل فيها نصيباً من صلاتك افتح مصحفك أقبل على الله استغفر بالأسحار واصل الدعاء (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله).
عمرك ستسأل عنه سؤالاً عاماً (وعن عمره فيما أفناه) وسؤالاً خاصاً (وعن شبابه فيما أبلاه) بماذا أبليت الشباب؟ إن الفراغ مفسد للنفس إفساد الطاقة المختزلة بلا ضرورة، إن الولد إذا اختلى إلى نفسه وقت فراغه ترد عليه الأفكار الحالمة، والهواجس السارحة، والتخيلات الجنسية المثيرة، فلا يجد نفسه إلا وقد تحركت شهوته وهاجت غريزته أمام هذه الموجات من التأملات والخواطر، فعندئذ لا يجد بُداً من أن يلجأ إلى الحرام ليخفف من طغيان شهوته ويحد من سلطانها هذه هي العادات السيئة السرية.
إذاً: لا بد من إشغال النفس بالطاعات بكر إلى الصلوات حافظ على الجماعات دائماً انقل نفسك من عبادة إلى عبادة؛ قراءة كتاب حفظ سورة مذاكرة مادة زيارة أخ في الله حضور درس حفظ حديث دعوة إلى الله كتابة مقالة إعداد برنامج دعوي زيارة مقبرة محاسبة نفس تبكير إلى صلاة قراءة طيبة ونافعة صلة رحم زيارة الجيران، أشغل نفسك بالطاعة.
ثم الترهيب من استرسال الرجل مع شهوته، قال عليه الصلاة والسلام: (إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم، ومضلات الهوى) حديث صحيح وقال: (حفت النار بالشهوات) النار حفت بالشهوات، ليس هناك طريق إلى النار إلا بالشهوات، فإذا أردت دخول النار فأطلق لنفسك العنان وارتع في الشهوات، لا بد أن يعظ الإنسان نفسه، ولا بد أن يقاوم داعي العودة إلى الجاهلية، قاوم العودة إلى الجاهلية بعض الشباب تاب الله عليهم لكن تركوا آثاراً من الجاهلية؛ مفكرات فيها أرقام هواتف أرقام مخزنة في الجوال لا زالوا يحتفظون بها عناوين للحرام، أتلف كل شيء يتعلق بالماضي.
ثم قد تتعرض لموقف محرج تذكرك فيه امرأة بعلاقة محرمة، فماذا تفعل؟ اسمع معي هذه القصة الصحابة الذين كانوا في الجاهلية يفعلون ما يفعلون، ولما نور الإسلام قلوبهم استعلوا على شهواتهم، واستجابوا لأمر ربهم، وهذا سبب نزول قوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور:3] روى الترمذي وهو حديث صحيح أن رجلاً من الصحابة يقال له: مرثد بن أبي مرثد الغنوي، كان مُهرباً في الإسلام لكن ماذا كان يهرب؟ كان يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، يذهب إلى مكة دار الحرب في ذلك الوقت ليهرب إخوانه المستضعفين من المسلمين واحداً وراء الآخر، يهربهم إلى المدينة، وفي ليلة من الليالي بينما كان متسللاً إلى مكة مواعداً رجلاً مسلماً ضعيفاً ليحمله ويهربه إلى المدينة، وفي ظل القمر، في الظلام، رأى امرأةً بغياً يقال لها: عناق، وكانت صديقةً له -هذه في الرواية، هذه " Girlfriend" معروفة عندهم في الجاهلية- كانت صديقةً له، وكان قد وعد رجلاً أن يحمله من أسرى مكة، وإن عناقاً رأته فقالت له: هلم فبت عندنا الليلة على العادة التي كانت في السابق، فقال: يا عناق قد حرم الله الزنا.
فقالت: يا أهل الخيام، هذا الذي يحمل أسراكم.
هذه المرأة إذا دعت إلى الحرام وأبى الرجل يمكن بمكرها وكيدها -إن كيدهن عظيم- أن تنتقم من الرجل الذي يرفض دعوتها إلى الحرام.
قالت: يا أهل الخباء، هذا الذي يحمل أسراكم.
والرجل غامر بنفسه فقام الكفار في الليل يبحثون عنه، قال: فأعماهم الله ما رأوه ولا رأوا الرجل الذي كان يهربه، فلما ذهبوا حمل صاحبه وذهب به، قال: فلما قدمت المدينة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: (يا رسول الله، أتزوج عناقاً؟ فلم يرد حتى نزلت الآية: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور:3] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنكحها).
إذاً: أيها الإخوة: لو دعا شخصاً داعٍ من الجاهلية لا يستجيب، عليه أن يصبر.