الشرك في التصرف

هناك أيضاً مما يخرج من الملة وينقض الإيمان وينافي توحيد الربوبية منافاةً أساسية قضية الشرك في التصرف: الشرك في التصرف من ضمن ما تقول به بعض الفرق كـ الباطنية وتأليههم لبعض الأشخاص، فيؤوله بعض فرق الباطنية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكذلك يؤلهون الحاكم بأمره، وهؤلاء لهم غلوٌ ظاهر، فمثلاً يعتقد بعض الباطنية أن الله يحل في الأشخاص، وأن آخر حلول له كان في علي بن أبي طالب، ذهبوا إلى ما يشبه عقيدة التثليث عند النصارى، إذ أنهم ألفوا ثالوثاً يتكون من علي ومحمد وسلمان الفارسي، ويزعمون أن العلاقة بين أطراف هذا الثالوث علاقة إيجاد، فـ علي خلق محمداً، ومحمد خلق سلمان، وسلمان خلق الأيتام الخمسة، وهم: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وعثمان بن مظعون، وعبد الله بن رواحة، وقنبر بن كادان مولى علي رضي الله عنه وأنه أوكل لهؤلاء الخمسة -الأيتام الخمسة- مسئولية الكون والتصرف فيه وتصريف أموره، فـ المقداد إليه الرعد والصواعق والزلازل، وأبو ذر موكل إليه الرياح وقبض أرواح البشر، وقنبر موكل إليه نفخ الأرواح في الأجسام، وعلي بن أبي طالب وسلمان والأيتام الخمسة يتفردون بتصريف أمور الكون من الخلق والموت والحياة وهذا من أخص صفات الربوبية.

فإذاً: من يعتقد هذا فلا شك أنه كافر كفراً أكبر.

كذلك تقدم أن الإمامية الاثنا عشرية ينسبون إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- من رواية جعفر بن محمد قوله: انتقل النور إلى غرائزنا، ولمع في أئمتنا، فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض، فبنا النجاة ومنا مكنون العلم، وإلينا مصير الأمور، وبمهدينا تنقطع الحجج.

وكذلك ينسبون إليه أنه قال: انظر الاعتقاد هذا الذي يقول: كيف يكفر؟ يكفر وإذا كان هناك أكثر من الكفر شيء فهو من صاحبه.

يزعمون أن علياً قال عن الأئمة: ونحن الذين بنا تمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذننا، وبنا تمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث وتنشر الرحمة.

وكذلك قالوا: إن لأئمتنا درجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لها جميع ذرات الكون.

وهذا شرك في الربوبية.

وكذلك المتصوفة جعلوا بعض أئمتهم أو الولي عندهم أو الغوث الأعظم مساوياً لله عز وجل في بعض صفاته، يرون مثلاً: أن الولي الفلاني يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويتصرف في الكون، ولهم تقسيمات لهذه الولاية، فالولي: يعني الولاية، والولي طبقات وأنواع: فهناك الغوث المتحكم في كل شيء في العالم، والأقطاب الأربعة الذين يمسكون الأركان الأربعة في العالم بأمر الغوث، والأبدان السبعة الذين يتحكم كل واحد منهم في قارة من القارات السبع -جيد عندهم علم في الجغرافيا- وكذلك النجباء كل واحد منهم يتصرف في ناحية تتحكم في مصير الخلق، بل يزعم بعض المتصوفة أن من كرامات أوليائهم أنهم يحيون الموتى، وأن أحمد البدوي جاءته امرأة تستغيث بولدها الذي مات، فمد البدوي يده ودعا له فأحياه الله تعالى، ويزعمون أن البدوي يميت من يتعرض له من الأحياء كما فعل مع معارضيه في العراق، فقال لهم: موتوا.

فوقعوا على الأرض قتلى.

ثم قال: قوموا بإذن من يحيي الأموات ويميت الأحياء.

فقاموا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015