من نواقض الإيمان: كفر الجحود والتكذيب

كفر الجحود والتكذيب وكذلك الاستحلال أمر معلوم تحريمه من الدين بالضرورة.

أما مسألة: كفر الجحود والتكذيب من جهة، والاستحلال والإنكار من جهة أخرى فلعل التفريق بين هذا وهذا ليس بكبير، ولذلك من المحال أن تجد هذا في كلام الأئمة.

قال الإمام ابن بطة رحمه الله: "فكل من ترك شيئاً من الفرائض التي فرضها الله في كتابه أو أكدها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته على سبيل الجحود لها والتكذيب بها فهو كافر بين الكفر".

وقال القاضي عياض: "وكذلك نقطع بتكفير كل من كذب وأنكر قاعدة من قواعد الشرع وما تواتر، كمن أنكر وجوب الصلوات الخمس".

وكذلك يقول ابن قدامة رحمه الله: "وأما إذا كان الجاحد لها ناشئاً -هذا الكلام على فريضة الصلاة- في الأمصار بين أهل العلم فإنه يكفر بمجرد جحودها" لا يقال: عندك علماء عندك عذر.

كما أسلفنا وقلنا: إنسان نشأ بين مسلمين، خطباء، وأئمة، وكتيبات، وأشرطة، ومطويات، وإذاعة القرآن الكريم، والدعاة إلى الله يتكلمون، ويدرس التربية الإسلامية في المدارس، ثم يأتي يقول: أنا ليس عندي علم أن الصلوات الخمس واجبة؟ ونقول: معذور بجهله؟ لا يمكن أبداً.

على أنه أيضاً -أضيف نقطة- بعض الذين ينشئون في الطبقات في بعض البلدان والمجتمعات ربما لا يمرون على ما يمر عليه غيرهم من عامة الناس من جهة التعرض للعلم والمعلمين، فيمكن أن يكون معزولاً تماماً بمربٍ أو مربية في بيئة محاصرةٍ لا يصل إلى سمعه الدين بالشكل الصحيح، أو بعض تفاصيل الدين بالشكل الصحيح؛ ولذلك قضية إطلاق التكفير قضية اجتهادية، تقول: فلان أقيمت عليه الحجة أو لم تقم عليه الحجة؟ أنت ممكن أن تقول: أقيمت.

وأنا ممكن أن أقول: ما أقيمت.

أنت ممكن أن تقول: والله وصلت إليه، وغالب الظن أنه سمع، معقول هذا ما سمع؟! وأنا أقول: والله إن كان سمع قد يكون سمع بشكل مشوه، لا نعلم يقيناً أن أحداً ناقشه أو كلمه أو أقام عليه الحجة.

وهذا يقول: لا، أكيد الآن في الآفاق العلم منتشر في بعض البلدان، وإن كان قليلاً، فيه نشر كبير واضح للدعوة، أكيد أنه سمع وعرف، وأين يعيش هذا؟ معزول بالمرة؟ لا يصلي الجمعة؟ لا يسمع من الخطباء؟ فالقضية إذن قد يكون فيها خيار في الاجتهاد بالتكفير هل أقيمت الحجة أم لا؟ وهناك قضايا واضحة لا ينبغي النقاش فيها.

قال ابن قدامة في مسألة جاحد الصلاة: "وأما إذا كان الجاحد لها ناشئاً في الأمصار وبين أهل العلم فإنه يكفر بمجرد جحوده".

ثم قال: "ومن اعتقد حل شيء أُجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه كلحم الخنزير".

ما هي الشبهة لو قال شخص عنده شبهة في لحم الخنزير؟ وقد تذكرت رجل عنده شبهة في لحم الخنزير قال لشخص: لحم الخنزير الآن ليس بحرام.

قال: نعم! لماذا؟ قال: لحم الخنزير كان حراماً في الماضي؛ لأنه كان يأكل القاذورات، أما الآن فالخنزير أكله نظيف، فليس بحرام.

وهذا من الاستهزاء أصلاً، يعني: يصعب أن تقول: إن هذا عنده عذر فعلاً، قاذورات وما قاذورات، أنت أمامك نص: لحم الخنزير حرام، حتى لو يأكل جوافة ودرر.

فإذاً: يقول كما قال ابن قدامة رحمه الله: "وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه كلحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كفر".

إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015