اعلمي بأن الله سبحانه وتعالى قد ضرب مثلاً في القرآن الكريم لامرأة نوح وامرأة لوط، زوجتان كافرتان، أما زوجة نوح فكانت -فيما ذكر في التفسير- تخبر الكفار من قومها بأسرار نوح والمسلمين معه إنها الجاسوسة إنها الخائنة التي توصل الأخبار إلى أعداء الله فيبطشوا بالمسلمين الذين كانوا مع نوح.
وأما امرأة لوط فإن خيانتها ليست خيانة زوجية في العرض والشرف، فإن نساء الأنبياء لا يخن ولو كن كافرات، كما قال أهل التفسير، ولذلك فإن خيانتها كانت بأن دلت قومها الذين كانوا يقعون في الفاحشة ويستعلمون الفاحشة على ضيوف لوط، فجاءوا إليه يهرعون، يقولون: هات ما عندك، يريدون الضيوف الذين عند لوط ليفعلوا بهم الفاحشة.
وكان الأمر بعد ذلك من إهلاكهم وهلكت امرأة نوح في الطوفان وولد نوح الكافر، وهلكت امرأة لوط بهذه الحجارة والصيحة، وقلب عالي القرية سافلها، وطمس الأعين الذي أرسل الله به الملك فطمس أعينهم، فنجى الله لوطاً إلا امرأته.
الشاهد: أنه قد يوجد في المجتمع رجال صالحون ولهم زوجات فاجرات، وقد يوجد في المجتمع رجال فجار ولهم زوجات صالحات، ولو المسألة عندنا في الإسلام بالنسبة للكفر واضحة، إذا كان الرجل مسلم وزوجته كافرة، لا يجوز له أن يتزوجها، ولا يجوز أن يبقيها عنده إذا كفرت ويجب أن يفارقها، والمرأة إذا كان زوجها كافراً فإنه لا يجوز أن تبقى تحت كافر تفارقه ويبطل العقد، وينفسخ تلقائياً بكفر أحد الزوجين إذا بقي الآخر مسلماً، وتدخل المرأة في العدة، وتعتد وتنتهي، وتتزوج ممن تشاء إذا بقي زوجها على كفره، ما هو الدليل؟ يقول الله تعالى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة:10] لا تحل المرأة الكافرة لرجل مسلم، ولا يحل الرجل الكافر لامرأة مسلمة، هكذا قضى الله، إلا الاستنثاء في أهل الكتاب من اليهوديات والنصرانيات بشرط أن يكن محصنات، وأما الفاجرات فلا يجوز الزواج منهن، أي: من اليهوديات والنصرانيات.