Q ما هي ضوابط الهجر لأصحاب المعاصي؟
صلى الله عليه وسلم من أحسن من تكلم على هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما وردت أقواله في: مجموع الفتاوى، وذكر الخلاصة، وأذكر لكم خلاصةً مهمة ذكرها رحمه الله، قال: إن العاصي أو الفاسق أو الفاجر، يُهجر أي: يقاطع لا يُكلم ولا يُسلم عليه، ولا يعاد ولا يشيع ولا يُزار، ولا يؤاكل ولا يُشارب ولا يُناكح؛ إذا كان الهجر مفيداً له، وإذا كان الهجرُ نافعاً ودافعاً له لكي يقلع عن المعصية أو البدعة التي هو واقعٌ فيها.
أما إذا كان الهجرُ ضاراً له، ودافعاً له على الاستمرار في المعاصي والفواحش، وأنه لن يزيده هذا الهجر إلا بعداً عن الطيبين وعن الخير والخيرين، فإن الهجر في هذه الحالة لا يجوز.
وهذا لعمر الله من الفقه الدقيق الذي متع به شيخ الإسلام رحمه الله! فقد متعه الله عز وجل بفقهٍ دقيق، لا يأخذ الأحكام هكذا، وإنما ينظر فيها وفي عللها، وينظر في المصالح والمفاسد، ويقارن ويرجح رحمه الله، ولذلك كانت القراءة لشيخ الإسلام ابن تيمية، من أنفع الأشياء التي تبني في نفس المسلم قواعد مستقرة ثابتة يستطيع من خلالها أن يتعامل مع الواقع من غير تذبذب ولا اضطراب ولا نتائج سلبية، قراءة لكلام شيخ الإسلام رحمه الله، خصوصاً عندما يتكلم في جوانب التعامل مع الواقع مثل: موقفه من التتار، وما حدث مع الناس الذين ناقشهم في العقيدة، وموقفه من أصحاب السلطان وغيرهم فيها فقه نابع من الواقع، ومن الفقه بالقرآن والسنة ومن التجربة الواعية.