خطر الاقتباس من مناهج الغرب الكفرية

ومجال آخر من المجالات التي يتضح فيها خطورة الولاء الفكري للكفار: اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية من الكفرة، فعندما تنظر في الواقع إلى جامعات العالم الإسلامي مثلاً، بعد ثورة سعد زغلول وما قام به أحمد لطفي السيد وزملاؤه، تجد أن المسألة قد وصلت إلى استيراد النظريات لتدريسها في جامعات المسلمين ومدارسهم، فمثلاً: نظرية دارون، بالمناسبة دارون ماذا يقول؟ له كتاب أصل الأنواع، وهي أشياء كثيرة منها أشهر شيء على ألسنة العامة: أن الإنسان أصله من القردة، وبعض الناس يظنون أن دارون يقول: إن الإنسان أصلاً حيوان، ولكن ليس بصحيح لأننا نحن المسلمين نقول: إن الإنسان حيوان، طبعاً ستعترضون عليّ، ولكن لأننا قد لا نعرف كلمة الحيوان في اللغة العربية، فنستنكر هذا القول، الحيوان: هو كل كائن فيه حياة، ولذلك يقول الله عز وجل: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت:64] ما معنى الدار الآخرة لهي الحيوان؟ يعني هي الحياة الأبدية التامة الكاملة، حياة النعيم والسرور واللذة التي لا تنتهي، هذا بالنسبة للمسلمين، وبالنسبة للكفار: فهي حياة في جهنم، حياة سيئة لدرجة أن صاحبها لا يموت فيها ولا يحيا.

فإذا قال شخص: أنت حيوان، فينبغي ألا تتهمه وتسارع إلى اتهامه بأنه قليل أدب؛ لأن المسألة في اللغة العربية صحيحة، حيوان كل كائن حي، لكن الإنسان له تركيب غير تركيب البهائم، لذلك لا تلاحظ في القرآن أنه أطلق على البهائم حيوانات، لاحظ في القرآن تجد بهيمة الأنعام، ما تجد أنه سماها حيوانات، فحيوانات هذه تسمى في كتاب الأحياء الذي درسناه، وإلا كلمة الحيوان لها مدلول غير المستقر في أذهان الناس الآن.

فهذه نظرية دارون تدرس في مناهج كثير من المدارس والجامعات على أنها حقيقة علمية في مواد كثيرة كالأحياء والتاريخ الطبيعي وعلم الأرض، مع أنه قد ثبت فشلها حتى لدى الكفار أثبتوا أنها فاشلة، لكن ما زالت تدرس في أوساط المسلمين، ونظرية فرويد المتهافتة نجدها مقررة في أقسام علم النفس قاطبة على أساس أنها نظرية علمية، وفي أقسام الاجتماعيات تدرس نظرية دوركايم، بل يدرس علم الاجتماع بكامله على المنهج الغربي.

ونحن نعلم أن علم الاجتماع الموجود الآن كتبه هو كعلم النفس ليس له أسس إسلامية، فللأسف علم النفس وعلم الاجتماع لم يصغ حتى الآن صياغة إسلامية، ولم تؤلف فيه كتب ومراجع إسلامية حتى يعتمد عليها، وبدأت الآن محاولات نسأل الله أن تتم وأن تنتهي إلى خير، لكن لو قلت الآن لواحد من طلاب علم النفس أو علم الاجتماع ما هي مواضيعكم التي تدرسونها وما هي مراجعكم؟ فستجد أن أكثر المواضيع وأكثر المراجع هي مراجع كتبها الكفرة ومن ترجمها من أبناء المسلمين، أو كتبها بعض أبناء المسلمين المتأثرين بتلك الكتب التي كتبها الكفار المستقاة من نظرياتهم التي وضعوها بعيداً عن الدين وعن القرآن والسنة طبعاً، وفي أقسام الكيمياء والفيزياء والفلك والطب تدرس مناهج محشوة بإيحاءات فلسفية وثنية كقولهم مثلاً: المادة لا تفنى ولا تستحدث، مع أن الله خلق السموات والأرض من العدم، (كن فيكون) أو كذلك تجد عبارات: خلقت الطبيعة كذا، وشاءت الطبيعة كذا، ومنحت الطبيعة للكائن الفلاني أو الحيوان الفلاني القدرة على التأقلم مع العوامل الجوية والبيئة إلى آخره، فتجد كلمة (منحت الطبيعة) مبثوثة ومنتشرة، أو تفسير وقوع الزلزال وسقوط النجوم وتكوين الأجنة تفسير مادي صرف لا علاقة له بأن الله قدر ذلك وخلقه وشاءه، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يزلزل الأرض، وأن هذه عقوبات من الله عز وجل، لا ذكر لهذه الأشياء مطلقاً.

وكذلك تجد عبارات مثلاً: كان الناس قبل ظهور العلم الحديث يعتقدون كذا، فلما جاء العلم الحديث بين المسألة ووضح أنه من قبل كانت خرافات وأوهاماً، أو كانت الكتب القديمة تقول كذا، ثم جاء العلم الحديث وبين المسألة وأظهرها وكشف القضية، وكان الناس قديماً ينسبون ما يعجزون عن تفسيره إلى القوة الغيبية الخفية، ويقولون: آلهه وكذا، فالآن جاء العلم وأثبت أن المسألة لها تفسيرات يفسرها، لكن لا يذكر أن الله قدر ذلك، أو أن كل ما يجري من هذه القوانين في الطبيعة وضعها رب العزة في الكون، وأن هناك سنناً ربانية، لا يوجد أي شيء من التعرض لهذه الأشياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015