هل يكون موالياً للمؤمنين من أهان أخاه المسلم، وأذله واحتقره، ثم عظم الكفار وأطلق عليهم ألقاب العزة والرفعة وألفاظ الثناء والتقدير، ويقوم من مجلسه ليرحب بهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريقٍ فاضطروهم إلى أضيقه)؟ هل يكون موالياً للمؤمنين من أبعد المسلمين عن الوظائف الهامة في شركته -مثلاً- واستخدم فيها الكفرة والمرتدين، والله تعالى قد خونهم، فقال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [آل عمران:75] الكفرة من اليهود والنصارى يقولون: ليس علينا حرج من أكل أموال المسلمين، ولذلك ينهبون أموالهم، كيف لو تمكنوا من التسلط على وظائفهم؟ هل يكون موالياً للمؤمنين من ترك زي المسلمين ومظهرهم وهيئتهم ولباسهم، وتشبه بأعداء الله وتزي بزيهم؟ هل يكون موالياً للمؤمنين من ترك بلاد الإسلام ومجتمعات المسلمين، وذهب إلى بلاد الكفار بغير ضرورة، فأقام فيها، يقيم معهم ويسكن بينهم ويكثر سوادهم ويقويهم بإمكانياته المادية والعقلية وغيرها؟ وكثيرون الذين هاجروا إلى بلاد الكفار ليدعموا الكفار بأموالهم، ينشئون في بلاد الكفار الأعمال، ويسخرون أدمغتهم للاكتشافات التي تخدم الكفار، أين هؤلاء من ولائهم لإخوانهم المؤمنين ومجتمعات المؤمنين؟ يقيمون بينهم والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله) حديث حسن.
والله تعالى منع الولاية للمؤمنين الذين لم يهاجروا إلى بلاد المؤمنين من بلاد الشرك، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال:72] لا بد أن يهاجروا إلى بلاد المسلمين، ويكثروا سواد المسلمين، ويدعموا المسلمين بالعدد والإمكانيات.
هل يكون موالياً للمؤمنين من أطلق لسانه بالسب والشتم والتعيير لإخوانه المسلمين، ثم أقبل على الكفار يثني عليهم وينشر فضائلهم؟
أنت عداء المجرمين سياسةً وأغيض أهلي من بذيء سباب
للظالمين تحيتي ومودتي ولأهل ديني طعنتي وحراب
هذا جحيمٌ لا يطاق ومنطقٌ يأباه وحشٌ قابع في الغاب
يثني بعض المسلمين في كتاباتهم على الكفار، فيقولون مثلاً: بأنهم أصحاب المنهج العلمي السديد، والتجرد بالبحث والكتابة، وينشرون فضائل الغرب ويثنون عليهم، ويطلقون عليهم ألقاب التقدم والحضارة والرقي، ويصفون الإسلام والمسلمين والمنتسبين إلى الإسلام بالرجعية والجمود والتأخر.
هل يكون موالياً للمؤمنين من ترك اتخاذ المؤمنين بطانة، يشاورهم ويطلعهم على الأمور، ويتخذ الكفار بطانة، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} [آل عمران:118] يودون هزيمتكم {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:118] البطانة سميت بطانة تشبيهاً ببطانة الثوب، أي: يتخذون الكافرين بطانة يستبطن الكفار الأمر من المسلمين المنحرفين ويطلعون على أسرار المسلمين؟ هل يكون موالياً للمؤمنين من ترك حزب المؤمنين الموحدين وجماعتهم وحلفهم، وانخرط في الأحزاب العلمانية أو الإلحادية، يبذل الولاء والحب والنصرة لها، وهي تعمل لهدم الإسلام وتعمل ضد إخوانه المسلمين؟ أم أن ذلك ردةٌ عن دين الله، وهدمٌ لشرع الله عز وجل.
اللهم إنا نسألك المغفرة والرحمة للحاضرين، اللهم اكتب مغفرتك ورحمتك لنا أجمعين، واعف عنا في ذلك المشهد العظيم، لا تفضحنا على رءوس الخلائق وأنت الرحمن الرحيم، فإليك اتجهنا، وعليك اعتمدنا، وعليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.