فمنها: محبتهم الجالبة لمحبة الله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم:96]، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وقال: (المرء مع من أحب).
ومنها: الذلة لهم المقتضية لين الجانب، وتوطئة الأكناف، قال الله في وصف المؤمنين: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:54].
ومنها: نصرة المؤمنين بعضهم بعضاً في حضورهم وفي غيبتهم، ولقد كان هذا المبدأ مستقراً في النفوس لدرجةٍ عظيمة في الصدر الأول من الإسلام، حتى أن أهل العقبة لما بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من ضمن أركان البيعة: موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين ومقاتلتهم، حتى لو وصل الأمر إلى التضحية بالنفس والمال، فقال الله ممتدحاً الأنصار: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال:74] هؤلاء المهاجرين: {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} [الأنفال:74] آووا المهاجرين ونصروهم، وقال عليه الصلاة والسلام: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)، وقال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) رواهما البخاري في صحيحه.
وقال صلى الله عليه وسلم مبيناً هذا الأمر وأهميته -أعني: الذب عن عرض أخيك المسلم- (ما من امرئٍ يخذل امرأً مسلماً في موطنٍ ينتقص فيه من عرضه، وتنتهك فيه حرمته، إلا خذله الله في موطنٍ يحب فيه نصرته -يكون محتاجاً للنصرة هذا الخاذل ويحب أن يُنصر فيخذله الله؛ لأنه خذل أخاه المسلم- وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موطنٍ ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطنٍ يحب فيه نصرته) حديث حسن، رواه الإمام أحمد وغيره عن جابر رضي الله عنه.
فالولاء للمؤمنين وحبهم ومناصرتهم من أي جنسٍ كانوا، وبأي لغةٍ تكلموا ونطقوا، وفي أي مكانٍ حلوا وأقاموا.
من مقتضيات ولاية المؤمنين: أن يكون المؤمن مع إخوانه قلباً وقالباً، يفديهم بنفسه وماله، ويذب عنهم بلسانه وسنانه، يألم لألمهم، ويفرح لفرحهم، وقس على ذلك سائر حقوق الأخوة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم.