رد الإسلام تحيات الجاهلية وتهنئاتها وتسمياتها ومسمياتها وعاداتها، لأن الإسلام يحرص على تميز المسلم وابتعاده عن مشابهة الكفرة وأحوال الجاهلية.
من عقيدة الإسلام التميز عن سائر ألوان البدع والكفر والجاهليات، فالإسلام يحرص على أن يبرز المسلم بين الناس بروزاً صحيحاً لا لبس فيه من شرك ولا بدعة، يحرص الإسلام على أن المسلم يكون متميزاً بأخلاقه وعقيدته وشكله ومظهره عن سائر أمم الكفر وفرق الضلال.
ولذلك نهى الإسلام عن التشبه بالنصارى، ونهى عن التشبه بالكفار، ونهى عن التشبه بالأعاجم، ومن ضمن هذه الأشياء نهيه عن تحية المسلمين بعضهم لبعض بتحيات الجاهلية، فلذلك نهى صلى الله عليه وسلم المسلم أن يقول لأخيه: أنعم صباحاً، أو أنعمت صباحاً، وما شابه ذلك من الألفاظ؛ لأنها من تحيات الجاهلية، وإنما يقول الإنسان المسلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أو يقول: مرحباً وأهلاً، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مرحباً بابنتي فاطمة) إلى آخر ذلك من الألفاظ الحسنة الطيبة التي لا يعلم اختصاص الكفار بها، فمتى علم اختصاص الكفار بهذه الأنواع فلا يجوز حتى وإن كانت حسنة في ظاهرها.
ولذلك نهى الإسلام عن أن يهنئ الناس المتزوج بقولهم: بالرفاء والبنين كما يحدث اليوم، وتطبع هذه الكلمة على بطاقات التهنئة ودعوات وولائم الأعراس، فإنهم يقولون: بالرفاء والبنين، أو بالرفاه والبنين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم نهى في الحديث الصحيح عن هذا النوع من التهنئة، لماذا؟ أما كلمة الرفاء: فإنها تعني الالتحام والمقاربة والوئام وهذا لا إشكال فيه، أن تدعو للمتزوجين بالمقاربة والوئام والتوافق.
ولكن الإشكال في قولهم: بالبنين، لماذا أيها الإخوة؟ لأن العرب كانوا يكرهون البنات، وكانوا يئدون البنات وهن أحياء، وكانوا ينسبون البنات لله عز وجل: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل:58] ولذلك كان إذا جاء أحدهم البنت تمنى موتها، وإذا أتى لجاره بنت تمنى له أن تموت البنت وهكذا.
ولذلك كانوا يقولون في تهنئتهم بالزواج: بالرفاء والبنين، أي: الذكور وألا يجيئك إناث، ولذلك حرَّم هذا القول في الإسلام ونهي عنه، وإنما تقول مهنئاً للمتزوج أو المتزوجة: (بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير) وكم يود الإنسان المسلم إذا فتح بطاقة من هذه البطاقات، أو تهنئة من هذه التهنئات بدلاً من أن يجد بالرفاء والبنين أو بالرفاه والبنين كما هي تهنئة الجاهلية، يجد مثلاً: (بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير).
لا بد أن نتميز عن الكفار وأهل الجاهلية في ألفاظنا وعباراتنا وتحياتنا وتهنئة بعضنا لبعض.