يقول بعض الناس: لماذا حرم كثير من المسلمين المال؟ لماذا انتشر الفقر بين المسلمين؟ لماذا يعيش كثير من المسلمين تحت مستوى الفقر؟ نقول: بعض هذا مما أصابهم من الذل وتسلط الكفرة عليهم نتيجة تنحية الشريعة والبعد عن الدين، وبعض هذا رحمة من الله في أنه لم يجعل لهم ما يطغون به ويتجبرون، وفقراء المسلمين سيدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام، قال النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً السبب الذي يكون وراء حرمان الله لبعض المؤمنين المخلصين من الدنيا، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا أحب الله عبداً حماه من الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء) كما يحمي بعضنا المريض من الماء؛ لأن الماء يضره وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه) حديث صحيح رواه الإمام أحمد رحمه الله.
إذاً: ليس حرمان الله لبعض المؤمنين من الدنيا كرهاً لهم ولا إذلالاً، وإنما يريد الله أن يخفف عنهم وخلق الإنسان ضعيفاً، قلة المال أخف للحساب.
وإذا سأل سائل فقال: لماذا إذاً يعطي الله الكفرة المجرمين المتجبرين الطغاة العتاة المتمردين على شرع الله الذين يشتمونه ويسبونه صباحاً ومساءً، الذين يحادونه ويحادون رسله ويعذبون أولياءه، لماذا يعطيهم الدنيا؟ وعندهم زراعات القمح وعندهم القوة وأسبابها، وعندهم الغنى والأموال الطائلة، وعندهم المخترعات والأبنية، لماذا يعطيهم وهم مقيمون على كفرهم؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً الحكمة من ذلك (إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج) (أو في شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا).
ما يريد الله أن يجعل للكفرة في الآخرة من نصيب، الجنة سلعة غالية ما في الآخرة من النعيم لا يستحقه الكفار، ولذلك يعجل لهم طيباتهم في الدنيا، وكل كافر عمل معروفاً من صلة أو صدقة أو كلمة طيبة أو معونة فإن الله يعطيه بها في الدنيا صحة وأموالاً وأولاداً، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له فيها نصيب.
وكذلك من الأمور العجيبة في الدنيا، ومن حقارتها عند الله أنها لا تساوي جناح بعوضة، وأنه يعطيها من يحب ومن لا يحب، فترى الغنى موجوداً عند الكافر والفاجر، كما يوجد عند بعض المسلمين، يعطيها من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الآخرة إلا من يحب.