كيف نغير أخلاقنا السيئة ونستبدلها بأخلاق حسنة؟

ونأتي الآن إلى الجزء المهم من الموضوع، أو الجزء الأهم من الناحية العملية، وكل ما فات فهو تقدمة مهمة لهذا الأمر، وهو: كيف نغير أخلاقنا السيئة ونستبدلها بأخلاق حسنة؟ كيف نتخلق بالأخلاق الحسنة؟ للإجابة على هذا السؤال نبدأ بمقدمة: هل الأخلاق مسألة موروثة أم مكتسبة؟ هل الأخلاق تأتي بالوراثة أم يمكن اكتسابها؟ الحقيقة أيها الإخوة: أن الأخلاق موروثة ومكتسبة، هناك أخلاق موروثة يجبل عليها الإنسان، قد يجبل على خصال حميدة أو يجبل على خصال غير حميدة، وقد يكون أبو الإنسان حليماً فيخرج الولد حليماً، وقد يكون والد الإنسان كريماً فيخرج الولد كريماً، وقد يكون الأب بخيلاً فيخرج الولد بخيلاً، يطبع على خصلة موروثة فيه، في جبلته، ونلاحظ على الأطفال أشياء من هذا، تجد ولداً كلما جاء إليه طفل يطلب منه لعبة أعطاه إياها، أي: أنه يعطي ألعابه للأطفال، وطفل كلما جاء مثيل له يأخذ لعبة ضربه وأخذها منه ومنعه من أخذها، فهي قضية موروثة.

ولكن هذه الأشياء الموروثة هل هي قابلة للتغير أم أنها طابع قد ختم به على صاحبها فلا يمكن تغييره أبداً؟

صلى الله عليه وسلم هناك مجال للتغيير في الأخلاق الموروثة، ولذلك أمرنا بالمجاهدة.

أما الأخلاق المكتسبة فأمرها سهل، فهي أسهل من الأخلاق الموروثة في كثير من الأحيان، لأنك الآن تتعلم وتتعود وتكتسب، لكن الأخلاق الموروثة والطبائع تغييرها أصعب، والإنسان يصعب عليه أن يغالب طبيعته، ولكننا لا نستسلم لهذه الصعوبة، رغم أن هذه قضية قد تكون موروثة لكن لا بد أن نغير، والله لم يكلفنا بمستحيل.

الأخلاق منها ما هو جبلي موروث، ومنها ما هو كسبي يمكن أخذه.

فالدليل على أن الأخلاق منها ما هو جبلي ما ورد في الحديث الصحيح: (إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة) فهذان الخلقان جبل عليهما هذا الرجل، وهذا رجل جاهلي أصلاً، جبل على هذين الخلقين: الحلم والأناة.

وأما الدليل على أن الأخلاق يمكن أن تكون مكتسبة، فهو حديثه عليه الصلاة والسلام (إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم) وفي حديث آخر: (ومن يتصبر يصبره الله) فدل ذلك على أن الصبر والحلم خلقان يمكن اكتسابهما إذا تعود الإنسان عليهما، ما معنى الحلم بالتحلم؟ يعني أن تعود نفسك على الحلم وتراغم نفسك على الحلم، وتحملها على هذا الخلق، وبعد فترة يصبح هذا الأمر فيك ملكة وسجية، فتكتسب هذا الخلق.

وأيضاً في دعاء الاستفتاح يقول عليه الصلاة والسلام: (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت) معنى ذلك: أن الأخلاق المحمودة سؤالها من الله عز وجل ممكن، وكذلك الأخلاق المذمومة يمكن أن يسأل الإنسان ربه أن يصرفها عنه فتصرف.

فإذاً: هذه الأخلاق المكتسبة تنال بالتخلق والتكلف حتى تصير سجية وملكة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015