أيها الإخوة: تبرز شبهة، وهي أن بعض الناس يقول: إن النصيحة تدخل في الحريات الشخصية؟ فيقول لك: لماذا يا فلان تطرق بابي؟ أو لماذا توقفني -مثلاً- في المسجد، أو في الطريق أو في الوظيفة وتقول لي: يا فلان! اتق الله لا تفعل هكذا، هذا لا يجوز، هذه حياتك فيها الأمر الفلاني خطأ، وبيتك فيه الأمر الفلاني خطأ، شخصيتك فيها الخلق الفلاني خطأ، يجب أن تغيره، تصورك في القضية الفلانية ليس صحيحاً، فيأتي هذا يقول: مالك ولي؟ هذه حياتي وأنا حر فيها، وبيتي أنا حر فيه، وشخصيتي أنا حر فيها، وأخلاقي أنا حر فيها، وتصوراتي أنا أتصور ما أراه مناسباً وأنا حر في تصوراتي؟! نقول: إن الحرية الشخصية مكفولة في الإسلام، وإلا لماذا جعل القصاص في الإسلام؟ ولماذا جعل حد السرقة؟ ولماذا جعل حد القذف؟ لو قال شخص لشخص: يا زاني! وذاك بريء، يجلد ثمانين جلدة حد القذف، لماذا يجلد علىالقذف؟ لأن هذا من باب احترام وإرساء قواعد الحرية الشخصية في النظام الإسلامي، الإسلام يريد من المسلم أن يكون إنساناً حراً مكفول الحرية، لا أحد يستطيع أن يعتدي عليه، لكن هل يرضى الإسلام أن ينطلق الناس في حرياتهم الشخصية فيتجاوزون الحدود، ويقعون في المحرمات، ويعصون الله تعالى، وينتهك كل واحد حرمات الآخر، ويتلاعب كل شخص على الآخر، وتهدم البيوت بهذه المنكرات بحجة الحرية الشخصية؟ كلا! ولذلك إذا كان هناك شخص مقيم على منكر، وقال: أنا حر في نفسي، نقول له: هذه ليست حرية، وإنما هي عبودية للأهواء، أي: هذا يتبع هواه، وصار عبداً لهواه ولم يصر حراً.