إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أيتها المستمعات المسلمات: السلام عليكن ورحمة الله وبركاته.
نحن في هذا اللقاء من وراء حجاب مع موضوع بعنوان "عبادة المرأة المسلمة في رمضان" وقبل أن نتكلم عن جوانب هذه العبادة في رمضان، أود أن أقول في بداية هذا الكلام: إن شهر رمضان لهذه السنة قد جاء بعد ظروف عصيبة، وأيام شديدة مرت علينا، وإن مجيء هذا الشهر بعد هذه المحنة مباشرة، وبعد انقضاء هذه الأيام العصيبة له مدلولات معينة، وإن طعم شهر الصوم بعد هذه الفتنة يختلف عن الرمضانات الماضية.
أيتها المسلمات: ينبغي أن نتعلم من مجيء هذا الشهر مباشرة بعد الأزمة شكر الله سبحانه وتعالى على ما منَّ به علينا من السلامة، وعلى ما من به علينا من زوال الخوف الذي سلَّطه علينا في الأيام الماضية، ونتعلم بأن نعم الله يجب أن تشكر، وأن كفران النعم يؤدي إلى مثلما أدت إليه الأحداث الماضية، وما حل بأقوام من حولنا من المصائب العظيمة لهي دليل على أن نقمة الله تحل بالمكذبين والكافرين بنعمته عز وجل: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النحل:112].
وهذا الشهر الكريم، شهر تضرع إلى الله ورغبة إليه، فكيف إذا كان بالإضافة إلى الصوم، وبالإضافة لما ينبغي أن يكون في هذا الشهر من التبرع، كيف إذا كان الأمر يوجب تضرعاً خاصاً آخر مما حصل ومن نتيجة ما جرى: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} [الأنعام:43] فينبغي أن تكون العبادة في هذا الشهر وشكر النعمة فيه أعلى بكثير من الأشهر الماضية؛ لأن الله قد هزَّ القلوب، ولأن الله قد ابتلى، ولأن الله قد أحل بأقوام من الكافرين والظالمين أنواعاً من نقمته، ونحن ينبغي أن نخاف الله عز وجل في أن يصيبنا مثلما أصابهم أو أشد.
أيتها المسلمات: إن موسم العبادة عندما يأت في هذا الوقت بعد هذه المصيبة التي حصلت والتي لا زالت آثارها تتتابع حتى الآن، إننا نتعلم من خلال هذا أن الله سبحانه وتعالى يبتلينا بالشر كما يبتلينا بالخير، فينظر كيف نعمل، فلذلك إذا كنا نتوب إلى الله في الرمضانات الماضية فإن توبتنا في هذا الشهر ينبغي أن تكون أكثر، وإذا كنا نعبد الله في الرمضانات الماضية ونقوم فإن قيامنا وعبادتنا ينبغي أن تكون أكثر وهكذا.