كان إبراهيم يستعين بولده في بناء البيت، وهو يدعو أن يبعث الله فيمن بعده نبياً حتى تستمر الدعوة ويستمر التوحيد؛ لأنه يعلم أنه ميت، فإبراهيم حريص على مستقبل هذه البشرية، ولذلك فإن لهذا النبي الكريم من المناقب أموراً كثيرة: الأولى: أنه أول من يكسى من الخلق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن نتبع في الحج كثيراً من شعائر إبراهيم، كونوا على مشاعركم هذه، فإنكم اليوم على إرث من إرث إبراهيم، ونحن نتخذ من مقام إبراهيم مصلى كما أمرنا: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة:125].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب إبراهيم حباً شديداً حتى سمى ولده باسمه: (إنه ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم)، ولما شبه الأنبياء قال: (أما إبراهيم فأشبه الناس بي فانظروا إلى صاحبكم) يعني نفسه، ولقد استفدنا من إبراهيم حياً وميتاً، واستفدنا من إبراهيم بعد وفاته بهذه السيرة التي ذكرها الله لنا، ونستفيد منه لكفالة أولاد المسلمين الذين ماتوا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أطفال المسلمين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة، حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة).
فهنيئاً لك يا عبد الله، يا من مات لك ولد وأنت في الإسلام ثابت على هذا الدين صابر ومحتسب لأمر الله، فإن ولدك عند إبراهيم، لقد استفدنا من إبراهيم بعد وفاته في أنه يكفل أولاد المسلمين، وهذه وصية من إبراهيم لنا بعد وفاته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد! أقرئ أمتك مني السلام -هذا إبراهيم يسلم علينا نحن أمة النبي صلى الله عليه وسلم- وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فمن شاء أن ينفذ وصية إبراهيم له، وأن يقوم بهذه الوصية من إبراهيم بعد موته؛ فليأخذها إذاً بكثرة ذكر الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر اليهود والمشركين، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم إنهم طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد؛ فصب عليهم سوط عذاب، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن يخافك ويتقيك، اجعلنا من عبادك الأخيار، وجندك الأبرار، وارحمنا في هذه الساعة في هذا المكان يا أرحم الراحمين.
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:180 - 182].