الحكمة من حدوث الزلازل والكوارث

هل للحوادث والزلازل حكم من الله؟ طبعاً هي كثيرة، فمنها تذكير الأقوام وتخويفهم، وتذكير من حولهم: {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ} [الرعد:31] لعلهم يعقلون، لعلهم يرجعون وتكون عقوبة وانتقاماً من الله لأهل الباطل، وهذا أمر آخر: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102].

ثالثاً: إشغال أهل الباطل بأنفسهم عن الكيد لأهل الحق، فيكونون مندفعين في الكيد لأهل الحق، ومحاربة المصلحين، ومحاربة الدعاة إلى الله فيشغلهم الله بأنفسهم.

رابعاً: اصطفاء شهداء لله: إذا كان الإنسان تقياً، مقبلاً على الله فأصابه زلزال، فقبضت روحه أو حصلت له جراحٌ وكسور وابتلي في ماله وأهله فماذا يكون؟ أما إذا مات في مثل الزلازل فإني لا أظنه إلا في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (والهدم شهيد) الهدم: يعني: الذي ينهدم عليه بيته، ويذهب في هذه الحادثة فهو شهيد تجري عليه أحكام الشهداء، يعني: شهيد الآخرة.

أما في الدنيا فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه مثل بقية الأموات، لكنه في عداد الشهداء، والشهداء مراتب أعلاهم قتلى المعارك في سبيل الله، والهدم شهيد، فإذاً الذين يموتون تحت الأنقاض إذا كانوا من عباد الله الموحدين فنرجو أن تكون لهم شهادة.

وكذلك من الحكم إظهار أهل الخير على خيرهم، فإنكم تسمعون ونسمع جميعاً ما حصل من قيام الوعاظ بالتذكير، والخطباء المصلحين بأمر تنبيه الناس عن الذنوب والمعاصي في البلاد التي أصابتها الزلازل، وكذلك قيام الدعاة وأهل الخير بإغاثة المنكوبين ومساعدة المحتاجين، وإغاثة الملهوفين ومد يد العون لهم، وهذا فيه فائدة عظيمة وهي إظهار الحق للناس، وأن أولى الناس بالناس هم الدعاة المصلحون، هم الذين إذا حصلت الفتن قاموا ينبهون، وإذا نزلت الكوارث وحلت قاموا يساعدون، يدفعهم الدافع الإيماني والرغبة في الثواب، ولذلك فإنهم يحتسبون الأجر من الله في تقديم كل مساعدة إلى من يحتاج إلى مساعدة، رغم قلة الإمكانيات وضعف الذات يقدمون ما لديهم، فيتعلم الناس كما تعلَّموا في كثير من الأزمات، أن أولى الناس بالناس هم الدعاة المصلحون، أهل الخير المستقيمون، أول من يعاون وأول من يشارك، وأول من يساهم بدون مرتبات، أطباء ومهندسون قاموا لله يساهمون في مساعدة الناس بدون رواتب، احتساباً، ولله حكم في تحطم معابد أهل الوثنية، والآثار الجاهلية، لو جلسنا نتأمل في حكم الله في الأحداث الواقعة والله ما ننتهي لو كان عندنا عقل أو ألقينا السمع ونحن شهداء.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا آمنين في أوطاننا، اللهم باعد بيننا وبين الزلازل والمحن، واجعلنا آمنين مطمئنين وسائر المسلمين يا رب العالمين، اللهم احفظ بلدنا وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، اللهم ادفع عنا وعن المسلمين البلاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015