كذلك الحافظ محدث الشام خيثمة بن سليمان القرشي هذا أيضاً ركب البحر وقصد جَبَله، فلقيه المركب فقاتلوه، ثم تسلموا المركب من الإمام فأخذوني ثم ضربوني -كان بعض العلماء يقعون في أيدي الروم، بعضهم يقع في أيدي قطاع الطرق وهم في الرحلة، يتعرضون للإهانات- قال: وكتبوا أسماءنا، فقالوا: ما اسمك؟ قلت: خيثمة.
فقال: اكتب حمار بن حمار -إهانة- ولما ضربت سكرت -أي: أصابني الغشي من شدة ألم الضرب- ونمت فرأيت كأني أنظر إلى الجنة -أي: في المنام- وعلى بابها جماعة من الحور العين، فقالت إحداهما: يا شقي! إيش فاتك؟ -إيش اختصار أي شيء- قالت أخرى: إيش فاته؟ قالت: لو قتل كان في الجنة مع الحور العين.
فقالت لها: لئن يرزقه الله الشهادة في عز من الإسلام وذل من الشرك خير له.
ثم انتبهت، قال: ورأيت كأن من يقول لي: اقرأ سورة براءة، فقرأت إلى قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة:2] قال: فعددت من ليلة الرؤيا أربعة أشهر ففك الله أسري.