تجد الذين عندهم كبر يحرصون على صدور المجالس ولا يجلس حيث انتهى به المجلس، فيرتكبون أمراً حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بقوله: (اتقوا هذه المذابح -أي: المحاريب- حضور المجالس، تواضعوا لله) اجلس حيث ينتهي بك المجلس، هذا الذي مهما كانت هيأته ومظهره هذا الذي يجد في نفسه حنقاً لو أنه لم يقم له في صدر المجلس ليجلس، فأين يكون موقعه من الاستقامة؟ إن الذين يأتون بالكفرة من الخدم والموظفين وهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)، وقال: (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) ولو كانت سيماهم سيماء أهل الخير، لكنه يرتكب منكراً ومعصية.
الذين يظلمون الخدم في البيوت بالضرب والإهانات والخصم، كيف به وهو يسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فاكتفاه علاجه ودخانه، فليجلسه معه، فإن لم يجلسه معه؛ فليناوله أكلةً أو أكلتين) هذا طبعاً في غير النساء مع الرجال، فإن المرأة لا تجلس مع الرجل الأجنبي.
إن الذين عندهم نوع من الكبر يظنون أن نوعاً معيناً خاصاً من الدماء يجري في عروقهم، وأنهم من نسلٍ غير نسل آدم، وأنهم من طبقة من البشر ليست كباقي طبقات الناس الذين لو جاءهم خاطبٌ يخطب منهم احتقروه، وقالوا: كيف تتجرأ أصلاً أن تطرق بابنا وأنت تعلم أننا أصحاب حسب ونسب وشرف وأنت حقير؟ هؤلاء ما هو موقعهم من الاستقامة مهما كانت أشكالهم وصورهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه؛ فزوجوه إلا تفعلوا؛ تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريض) إذا كنت تخشى مفاسد وقطيعة داخل العائلة؛ إذاً اعتذر بأدب، أما أن يحتقر خلق الله لماذا يتقدم أصلاً للزواج؛ لأنك ترى في نفسك خاصية من دون عباد الله، وكأنك لست لآدم الذي هو من تراب: (كلكم لآدم وآدم من تراب) فهذه النوعية من البشر أين موقعهم من الاستقامة؟