ومن الأسباب كذلك: الخوف من الابتلاء والمحنة قبل وقوعها أو عند وقوعها، فالأول جبان رعديد الذي يخاف من الفتنة قبل وقوعها، والثاني مسكين، والمسألة تدل على خشية الناس أكثر من الله، ويخاف قطع الرزق، أو يخاف من الاضطهاد، ولكن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا قيل لهم: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:173] أما كثيرون من الذين يزعمون الاستقامة اليوم فإنهم مع كلام المرجفين والمخوفين الذين يثيرون هذا الكلام وتلك الأخبار المكذوبة أو الصحيحة في الأوساط حتى يرعبون أولئك الذين يريدون أن يستقيموا، فيتصور الإنسان أن الاستقامة تؤدي به إلى الهلاك؛ فيترك الاستقامة لأنه يخشى الناس أكثر مما يخشى الله.