العلة في النهي عن التناجي

وقد جاءت سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مبينة لهذه الأحكام، فقال ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس) لماذا؟ ما هي العلة المهمة جداً التي ينبغي لنا أن نفقهها؟ لأن عليها مدار الحكم فإذا انتفت العلة انتفى الحكم، وإذا وجدت العلة وجد الحكم، ما هي العلة في منع التناجي؟ يقول صلى الله عليه وسلم في بقية الحديث: (فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس؛ من أجل أن ذلك يحزنه) فصار الحزن -أيها الإخوة- هو المانع من التناجي وهو السبب، لماذا يحزنه؟ يحزنه لأسباب ذكر العلماء بعضها فقالوا: أولاً: ربما توهم هذا الرجل الثالث أن نجواهما لتبييت رأي أو تجسيس غائلة ضده، ربما يتوهم هذا الرجل الثالث بأن هذين المتسارين يبيتان له أمر سوء ويحيكان شراً حوله، فلأجل ذلك منع التناجي.

والعلة الأخرى: من أجل الاختصاص بالكرامة، يعني: كأن هذين المتناجيين يقولان بلسان الحال لا بلسان المقال: إنك أيها الثالث الذي تناجينا دونك لست بأهل لسماع كلامنا، وهذا الكلام ليس على مستواي إلا أنا وصاحبي، أما أنت فلست بأهل له، وليست هذه كرامة لك، وإنما كرامة لنا نحن المتناجيين، فهذه العلة أيها الإخوة أيضاً فيها الحزن الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أن فيها احتقاراً للشخص الثالث؛ لأنه ليس على مستوى الكلام كما يدعيان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015