المكث لمدة طويلة في مكان واحد وطول الموضوع

كذلك: أن بعض الناس طبيعتهم حركية ويحبون الذهاب والمجيء لا يحبون الجلوس في مكان واحد لمدة طويلة.

منها مثلاً: طول الكتاب أو طول الموضوع، وهكذا.

فإن هذه المشكلات لها علاجات ولا شك، فمنها مثلاً: أن القارئ المسلم ينبغي أن يقرأ في الكتب السهلة في البداية قبل الكتب الصعبة، الخطأ الذي يصد بعض الناس عن القراءة أنه يقرأ كتباً متقدمة في الفن، أقصد الموضوع العلمي، الفن كلمة شريفة، كلمة جميلة عند المسلمين، ويقولون: فن الفقه، فن التجويد، فن القراءات، فن الأصول، فن النحو، فن الصرف، وهكذا، لكن الآن أهل الجاهلية هم الذين استخدموا هذه الكلمة، استخداماً معيناً، وجعلوا لها مدلولاً معيناً في نفس المستمع، فهو إذا سمع كلمة الفن، فإنها تعني الموسيقى، الغناء، الرقص، نحت التماثيل، وكما يسمونها الفنون الجميلة، ولا أقبح منها عند الله.

نعود فنقول: إن القراءة في الكتب المتقدمة في الفن قبل الكتب المبسطة أو الأساسية من الأخطاء التي تجعل بعض الناس ينفرون من القراءة، فمثلاً: لماذا يقرأ الشخص المراجع الكبيرة قبل الكتب الصغيرة المبسطة؟ لماذا يبدأ بالأصعب قبل الأسهل؟ بعض الناس عندهم نوع من الغرور، فيقول: أنا مثلها، وأنا على مستوى القراءة ولا يهمني أنه كبير أو صغير، ولكن النتيجة تنعكس على نفسيته، فمثلاً: أليس من الخطأ أن يبدأ إنسان يريد أن يقرأ في الفقه بكتاب المغني قبل كتاب العدة؟ أليس من المفروض مثلاً: أن الإنسان إذا أراد أن يقرأ بالتفسير.

نأتي بأمثلة توضح الفكرة، وفي نفس الوقت نعطي شيئاً في الموضوع، لو أردت أن تقرأ في التفسير -مثلاً- وأنت لم تقرأ نهائياً من قبل، أليس من الأفضل أن تأخذ كتاباً مبسطاً في التفسير جداً مثل: زبدة التفسير من فتح القدير، فتح القدير للشوكاني، بسطه محمد سليمان الأشقر، مثلاً: في كتاب: زبدة التفسير، كلمة ومعناها، مع أشياء أخرى إضافية مفيدة، ثم إذا أردت أن تتوسع تأخذ مثلاً تفسير ابن سعدي رحمه الله، الذي ليس فيه ذكر المرويات بالأسانيد التي تنفر بعض الناس، وهو بأسلوب -أيضاً- مبسط وسهل، ثم إذا أردت أن تنتقل إلى تفسير ابن كثير، تنتقل إلى تفسير ابن كثير ثم إلى غيره مما هو أطول وأصعب، وكذلك أليس من الحكمة إذا أردت أن تقرأ في السيرة النبوية أن تبدأ بكتاب دروس وعبر -مثلاً- للسباعي رحمه الله، ثم تنتقل للرحيق المختوم للمباركفوري، هذا قبل أن تصل إلى البداية والنهاية لـ ابن كثير.

كذلك إذا أردت أن تقرأ في العقيدة، أليس من المناسب أن تقرأ لمعة الاعتقاد مع شرحه، ثم الواسطية، قبل أن تنتقل إلى الطحاوية فـ السفارينية، أليس من المناسب إذا أردت أن تقرأ في الحديث على سبيل المثال: أن تقرأ الأربعين النووية مع شرح مبسط، قبل أن تنتقل إلى رياض الصالحين ومشكاة المصابيح بعد ذلك، ومن الأمور التي تجعل بعض الناس ينفرون من القراءة في كتب القدامى، من علمائنا الأجلاء، أن هذه الكتب التي يسمونها بالكتب الصفراء، مع أنها الآن والحمد لله بدأت تطبع طبعات بيضاء، وأكثر العلم موجود فيها، ومؤلفات الأولين قليلة ولكنها كثيرة البركة، ومؤلفات المتأخرين كثيرة ولكنها قليلة البركة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015