وبادئ ذي بدءٍ اعلموا أن ربكم يقول: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11] فقسم الله العباد إلى تائب وظالم وليس ثم قسم ثالث البتة: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11] والله عز وجل قد فتح لنا للتوبة باباً عظيماً يقول عليه الصلاة والسلام في شأنه: (إن للتوبة باباً عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب) وفي رواية: (عرضه مسيرة سبعين عاماً) يقول عليه الصلاة السلام في شأنه: (لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها) لا يغلق هذا الباب باب التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، وقد بين عليه الصلاة السلام أ، من تاب إلى الله قبل أن يغرغر قبل الله منه ويقول: (من تاب إلى الله قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه).
إذاً: انظر إلى الرحمة الواسعة الآن، إنه باب عريض جداً لا يغلق إلى قيام الساعة، ويمكن أن تتوب ما لم تصل إلى مرحلة الغرغرة وما لم تطلع الشمس من مغربها، ماذا تريد أكثر من ذلك؟ هذه نقطة أساسية في القناعة بأن التوبة ممكنة مهما عظم الجرم، ويقول عليه الصلاة السلام: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) حديث صحيح، ويقول عليه الصلاة السلام مبيناً كيف أن الله يمهل العاصي: (إن صاحب الشمال -الملك الذي يكتب السيئات- ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها ولم يكتبها -ست ساعات- وإلا كتبت واحدة) رواه الطبراني عن أبي أمامة وحسنه الألباني وهو في أحاديث السلسلة الصحيحة.
وعرَّف بعض العلماء التوبة فقال: هي "الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان" أي: عدم العودة إلى المعصية، إضمار عقد القلب على عدم العودة إلى المعصية.
"ومهاجرة سيئ الإخوان": لابد من الخروج من الوسط السيئ، "وإرجاع حقوق بني الإنسان"، إذا كانت الحقوق للعباد فلابد من إرجاعها.
فإذاً: الاستغفار باللسان والإقلاع بالأبدان وإضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيئ الإخوان، وإرجاع حقوق بني الإنسان.