وكذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مرحلياً مخططاً لدعوته، وكان إذا ما وجد فائدة كبيرة أو كان هناك مضرة في بقاء الشخص في مكة وهو من غير أهلها، ماذا كان يقول له؟: (ارجع إلى قومك فإذا سمعت أني قد ظهرت فائتني) قالها لـ عمرو بن عبسة وقالها لـ أبي ذر الغفاري والطفيل بن عمرو الدوسي ارجع إلى أهلك؛ لأن هذه مرحلة استضعاف، ومن الحكمة والخير أن تنتشر الدعوة في أجواء أخرى وبلدان أخرى غير مكان الاضطهاد مثل مكة، ولذلك لما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، جاء الطفيل بثمانين بيتاً من دوس كلهم قد أسلموا، وجاء أبو ذر بالقبيلة كلها، جاء النصف الأول وجاء النصف الثاني وأسلموا، وجاء أناس من الصحابة بأقوامهم، فاجتمعوا في المدينة لتأسيس المجتمع الإسلامي، وهذا الأمر لا يمكن أن يوجد في مكة وهذا العداء قائم، والحرب قائمة، فهذا من حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد نظره، في تخطيطه لأمور دعوته.