كان ابن القيم حسن القراءة، كثير التودد، لا يحسد أحداً ولا يؤذيه، ولا يحقد على أحد، وكان قليل النظير في مجموعه وأموره وأحواله، وكان ذا خلق عظيم رحمه الله تعالى.
ومن خلقه: تواضعه الذي يظهر في أشياء كثيرة من كتبه، ومن ذلك: قصيدة يظهر فيها تواضعه أنشدها لبعض طلابه، وهو العلامة الصفدي رحمه الله، يقول ابن القيم عن نفسه في هذه القصيدة:
بُني أبي بكر كثير ذنوبه فليس على من نال من عرضه إثم
بُني أبي بكر جهول بنفسه جهول بأمر الله أنى له العلم
بُني أبي بكر غدا متصدراً يعلم علماً وهو ليس له علم
بُني أبي بكر غدا متمنياً وصال المعالي والذنوب له هم
بُني أبي بكر يروم ترقياً إلى جنة المأوى وليس له عزم
بُني أبي بكر لقد خاب سعيه إذا لم يكن في الصالحات له سهم
بُني أبي بكر لما قال ربه هلوع كنود وصفه الجهل والظلم
فو الله لو أن الصحابة شاهدوا أفاضلهم هم الصم والبكم
هذا ما وصف به حاله -رحمه الله- وتواضعه، مع أنه كان ذا عبادة شديدة، وكان ذا تأله وتهجد واستغفار بالأسحار، وافتقار إلى الله عز وجل، وطول قيام، وحج مرات كثيرة، حتى قال ابن كثير رحمه الله: لا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه، وكان له طريقة في الصلاة يُطيلها جداً، ويمد ركوعها وسجودها، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان، فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك رحمه الله، وكان إذا صلى الصبح جلس مكانه يذكر الله حتى يتعالى النهار، ويقول: هذه غدوتي لو لم أقعدها سقطت قواي.
وهذه عبارة مشابهة للعبارة التي جاءت عن شيخه في هذه المسألة، وهي القعود من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، ثم الصلاة ركعتين، حتى يتعالى النهار، ومن عباراته المشهورة: "بالصبر والفقه تنال الإمامة في الدين".