أيها الإخوة! ينبغي علينا أن نعود إلى الله سبحانه تعالى، وأن نقوم لله عز وجل بالتنفيذ والتطبيق، ونربي أولادنا على العلم والعمل، لنصحح المسيرة من أولها، إذا كان فاتنا من أعمارنا شيء لتقصير أهلينا وآبائنا وأمهاتنا، فلنستدرك ذلك في أبياتنا.
هذه أبيات جميلة جداً يعظ بها أبٌ مشفق ابنه، كناه بأبي بكر، يقول له:
أبا بكر دعوتك لو أجبت إلى ما فيه حظك لو عقلت
إلى علمٍ تكون به إماماً مطاعاً إن نهيت وإن أمرت
ويجلو ما بعينك من غشاها ويهديك الصراط إذا ضللت
وتحمل منه في ناديك تاجاً ويكسوك الجمال إذا اغتربت
ينالك نفعه مادمت حياً ويبقى ذكره لك إن ذهبت
وكنز لا تخاف عليه لصاً خفيف الحمل يوجد حيث كنت
يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً شددت
فلو قد ذقت من حلواه طعماً لآثرت التعلم واجتهدت
ولم يشغلك عنه هوىً مطاعٌ ولا دنيا بزخرفها فتنت
فواظبه وخذ بالجد فيه فإن أعطاكه الباري أخذت
وإن أوتيت فيه طول باعٍ وقال الناس أنك قد سبقت
فلا تأمن سؤال الله عنه بتوبيخٍ علمت فهل عملت
وأخيراً: نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء، نسأل الله أن يعيننا على تطبيق ما تعلمناه، ونسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما يرضيه، وأن يجعلنا من الحريصين على تطبيق العلم والعمل به، يقول أبو بكر بن العربي: كنت مقيماً في ذي الحجة في سنة (489هـ) أشرب من ماء زمزم كثيراً، وكلما شربته نويت به العلم والإيمان، ففتح الله لي ببركته في المقدار الذي يسره لي من العلم، ونسيت أن أشرب للعمل، يا ليتني! شربته لهما، حتى يفتح الله لي منهما، ولم يقدر- يقول من تواضعه- فكان سطوي للعلم أكثر منه للعمل، وأسأل الله الحفظ والتوفيق برحمته.
فإذاً ينبغي أن نسأل الله عز وجل أن يوفقنا للعمل بالعلم، وأن يعيننا على ذلك، ونسأله سبحانه وتعالى حسن السريرة وحسن السيرة، ونسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما يرضيه، وأن يباعد بيننا وبين ما لا يرضيه، ونسأله عز وجل أن ينعم علينا بلباس التقوى، وأن يرزقنا التمسك بالعروة الوثقى، وأن يجعلنا من أهل الإيمان علماً وعملاً ورائحة زكية، كما أن المؤمن قارئ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، ونسأله أن يباعد بيننا وبين النفاق، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً إنك سميع مجيب قريب.