ومن الشبهات التي تؤجل التنفيذ وتمنعه عند البعض: أنه يجعل الصلاح كلاً لا يتجزأ، ويقول: إما التزام كامل أو لا التزام، أما نصف التزام فلا، وهذه مصيبة، وخدعة شيطانية كبيرة؛ فمن منا لا يقصر؟ فما دام التقصير حاصل، فإذاً سيقول لنفسه: أنا في حل الآن، ولا داعي للخداع مع نفسي، مادام أنني لست متديناً تديناً كاملاً، فلا يلزمني أن أفعل هذا وهذا، سأدعه كله، يا أخي افعل وطبق ما تستطيع، ولو كان فيك تقصير فاحرص على الطاعات الأخرى، بعض الناس يمكن أن يمتنع عن معاصي؛ لأن نفسه ليست متعلقة بها تعلقاً شديداً، ويقع في معاصي؛ لأن نفسه متعلقة بها تعلقاً شديداً، أيهما أسوأ هذا أم الذي يقع في كل المعاصي، ويقول: مادام وقعنا في الأولى نقع في الثانية أيهما أشد عذاباً؟ ثم لو عملت وطبقت الصالحات فإنها ستنهاك عن المعاصي، وستؤجر على الطاعات، وسترجح كفة حسناتك يوم القيامة.
أحياناً يبتلى الإنسان بزوجة جاهلة مفرطة -ربما يكون عندنا قصور في التصور الإسلامي الصحيح- تجره إلى تنازلات وإلى منع من الخيرات، أحدهم رجع بعد خطبة الجمعة متأثراً، الخطيب كان يتكلم عن إسبال الثوب، وأنه لا يجوز، والوعيد الذي جاء فيه، فقال لزوجته: قصري لي ثيابي، فقالت له: لما تصلي في المسجد؛ تعال اقصر لك الثياب، المسكين أفحمته ولم يستطع أن يرد عليها من جهله ومن جهلها أيضاً، إذا أنت تستطيع أن تنفذ شيئاً الآن لماذا لا تنفذه؟ نفذ ولا تقل أبداً: عندي معاصي أخرى، وهذا ينفعك عند الله.
وقد يكون عندنا أيها الإخوة استهانة بالصغائر، لا تنظر إلى صغر المعصية وانظر إلى من عصيت، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن تقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه، فقال به هكذا وهكذا، فطار] رواه الترمذي رحمه الله تعالى.