إن هذا القرآن أنزل للتنفيذ، كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يتعلمون للتنفيذ، انظر إلى أبي بكر رضي الله عنه، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (علمني دعاءً أدعو به في صلاتي) وفي رواية لـ مسلم (علمني يا رسول لله دعاءً أدعو به في صلاتي وفي بيتي).
يقول أبو برزة للنبي عليه الصلاة والسلام: (يا رسول الله! إني لا أدري لعسى أن تمضي وأبقى بعدك، فزودني شيئاً ينفعني الله به) رواه مسلم.
يقول عبد الله بن مسعود: (يا نبي الله! أي الأعمال أقرب إلى الجنة) رواه مسلم.
يقول أبو ذر: (يا رسول الله! أي الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله والجهاد في سبيله، قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً، قلت: فإن لم أفعل؟ قال: تعين صانعاً أو تصنع لأخرق الحديث) رواه مسلم.
أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا رسول الله! كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: قل اللهم اغفر لي وارحمني، وعافني وارزقني، وجمع أصابعه الأربع إلا الإبهام، فإن هؤلاء يجمعن لك دينك ودنياك) رواه ابن ماجة.
للآخرة اغفر لي وارحمني، وفي الدنيا عافني وارزقني، جمع لك خير الدنيا والآخرة في هذا الدعاء.
قالت عائشة: (يا رسول الله! أرأيت لو وافقت ليلة القدر ما أدعو؟) كانوا يسألون للتنفيذ.
أبو برزة يقول: (يا رسول الله! دلني على عمل يدخلني الجنة أو انتفع به، قال: اعزل الأذى عن طريق المسلمين) رواه الإمام أحمد.
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا رسول الله! علمني عملاً يدخلني الجنة، فقال: لئن كنت أقصرت الخطبة، لقد أعرضت المسألة -جئت بمسألة عظيمة- أعتق النسمة، وفك الرقبة) رواه أحمد.
أبو جري الهجيني، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: (يا رسول الله! إنا قوم من أهل البادية، فعلمنا شيئاً ينفعنا الله تبارك وتعالى به، فقال: لا تحقرن من المعروف شيئاً الحديث) أبو جري يقول: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محتبٍ بشملة له وقد وقع هدبها على قدميه، فقلت: أيكم محمد، أو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأومأ بيده إلى نفسه عليه الصلاة والسلام، فقلت: يا رسول الله! إني من أهل البادية وفي جفائهم فأوصني، قال: ولا تسبن أحداً، فما سببت بعده أحداً ولا شاةً ولا بعيراً).
هو يقول: لا تسبن أحداً، التنفيذ مباشرة، وليس التنفيذ في أول يومين وثلاثة، ثم تنسى، لا، قال: فما سببت بعده أحداً؛ لأنه قال: ولا تسبن أحداً، أنت تلمس يا أخي الصدق من طريقة السؤال.
عن عبد الله بن عباس أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا نبي الله! إني شيخ كبير عليل يشق عليّ القيام، فأمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر، قال: عليك بالسابعة) رواه أحمد.
كانوا يطلبون ويطلبون المزيد، ومستعدون للتنفيذ.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! مرني بصيام، قال: صم يوماً ولك أجر تسعة- لأن الحسنة بعشر أمثالها- قلت: يا رسول الله! إني أجد قوة فزدني، قال: صم يومين ولك أجر ثمانية أيام، قلت: يا رسول الله! إني أجد قوة فزدني، قال: فصم ثلاثة أيام ولك أجر سبعة أيام، قال: فما زال يحط لي، حتى قال: إن أفضل الصوم صوم أخي داود أو نبي الله داود صم يوماً وأفطر يوماً) قال عبد الله لما ضعف: [ليتني كنت قنعت بما أمرني به النبي صلى الله عليه وسلم] لكنه استمر إلى آخر حياته؛ لأنه كره أن يغير شيئاً فارق عليه النبي عليه الصلاة والسلام.
الصحابة إذاً أيها الإخوة يتعلمون ليعملوا، أبو فاطمة قال: (يا رسول الله! أخبرني بعمل أستقيم عليه وأعمله، قال: عليك بالسجود، فإنك لا تسجد لله سجدة؛ إلا رفعك الله بها درجة وحط بها عنك خطيئة).
إذاً لابد أن يكون عندنا مفهوم العلم للعمل، والتلقي للتنفيذ، نريد أن نقرأ المصحف، وننفذ ما قال الله عز وجل؛ لأن الأوامر لنا وليست لغيرنا، ثم إن التنفيذ يزيدنا خيراً وثباتاً، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً} [النساء:66] العمل يثبت الإنسان.